تجارة الأعضاء.. هرب من والديه ليفقد إحدى كليتيه

 

                                                 محمود مختار، ضحية تجارة الأعضاء

كتب إسلام أحمد

شاب في العقد الثالث من عمره، قسى على والديه بعدما قرر مغادرة البيت، بدعوى إفراطهما في الحرص والخوف عليه، فكان من سخرية الأقدار أن يقع ضحية لواحدًة من أخطر عصابات الإتجار بالبشر ويفقد إحدى كليتيه في نفس العام الذي عاق فيه أبويه، قصة طويلة خاضها محمود.. فما هي؟.

يروي محمود مختار حكايته لـ"طيف" قائلًا: "كان أبي يتبعني كظلي ويكون حيثما أكون؛ لذلك فررت من بيتنا موليًا كل شيء ظهري كالخائف المذعور، وكان وقتها عمري 23 عامًا، حيث بت في أشد الحاجة إلى العمل لسد حاجاتي الضرورية، فعملت بمقهى "أبو تريكة" بالسيدة زينب، وامتد بقائي فيها شهرين كاملين، فلم أكن ذا مال ولا علم حتى أجد وظيفة تلائمني، ومنذ ذلك الحين لم أذق الراحة ولو أيامًا معدودات، ولكن تصبرت عسى أن تصلح الأيام ما أفسده الحال، ثم نفذ صبري فهجرتها إلى عمل آخر عرضه علي 4 شبان، كنت قد تعرفت عليهم أثناء فترة عملي بالمقهى، وقد أخذت أفكر في مطلبهم؛ حتى لا أضع قدمي في غير موضعها".

يواصل "مختار" حديثه عن عصابة تجارة الأعضاء مردفًا "ذات مساء دعاني الشباب إلى احتساء الشاي بمسكنهم، بعدما أعلنت لهم موافقتي على العمل معهم، وعندما رفعت القدح إلى شفتاي لرشف رشفة، وبينما كنت لاهيًا بلذة الشراب، ألمت بي رغبة غريبة في النوم، فاسترق النوم خطاه إلى جفني، واستيقظت ونور الشمس واقع على بصري، ووجدت نفسي طريح الفراش بغرفة مغلقة، على الفور عاودتني ذكريات الليلة الماضية في لمح البصر، وأدركت لتوي أني ضحية اختطاف، ودارت عيناي على جسدي فإذا بالدم يُنزف من جانبي الأيسر".

كيف نجا الثلاثيني من الموت؟، يروي قائلًا " لبثت جامدًا في فراشي لا أدري ماذا أفعل، ومر الوقت كأن دقائقه أسنان منشار يقطع عنقي، ولم أر بالغرفة طوال هذه الليلة إلا ممرضة تداومت بين الحين والآخر على إعطائي الإبر والعلاج، وكانت توليني وجهها إلا أنني لم أستطع تبين معالمه من واقع تأثير المخدر بي، فحدثتني نفسي بأن أجد سبيلًا للفرار، وكان لمجيء الشبان فجر اليوم التالي أثرًا في تنفيذ ما أطمح إليه، حيث حملوني لسيارة وألقوني بجوار جسر الدقي، فأخذت أفيق من تخديري تحت أثر الألم الشديد الذي تحملته، ووجدت نفسي تميل للبكاء، فاستسلمت له متشجعًا بالظلمة التي تحطني من كل صوبٍ واتجاه، ثم سرت في جسمي رعشة من البرد القارص فأحكمت المعطف حول نفسي، ولممت أطراف قوتي للنهوض ولكن خانني جسدي، ووقفت بعد أن بسط لي أحد المارة راحته، وشد بيدي حتى اعتدلت، وظل يسندني بذراعه وأنا أوشك أن أقع منه، حتى أوقف سيارة ودفع لي أجرتها وأمر سائقها بالذهاب معي حيثما شئت، ثم ودعته شاكرًا، وقد ساقتني إلى بيت أبواي؛ فلم يكن لي مكانًا آخر أقصده، وكنت لا أدري بأي وجه سألقاهما".

متى اكتشف "مختار" مصيبته؟، يواصل حديثه مستطردًا "على غير المتوقع استقبلني والداي بحفاوة وسرور، شاعرًا حينها  بارتياح عميق، تناسيت به كل شيء مما مضى إلا ألمي المبرح، الذي سرعان ما لاحظه أبي عليَ، فصمم على الذهاب بي إلى الطبيب، فاستجبت لرغبته، وعندما دعيت إلى حجرة الكشف ألقى الطبيب عليَ بعض الأسئلة، ثم أجرى فحصه في عناية، فراح يسجل في دفتره أن بي مرض خطير، وتبين مع الأشعة والتحاليل أني فقدت إحدى الكليتين، وعلى حين فجأة استحوذ علىَ القلق، ورحت أردد على مسمعي ما أكده الطبيب متلمسًا النجاة بأي سبيل".

"عجلت بالانتقام من هؤلاء الأوغاد عقب الانتهاء من رحلة علاجي مباشرًة، بإعطاء شقيقتي أرقام هواتفهم، وأمرتها أن تستدعي الشبان إلى شقتها الزوجية بدعوة متوارية لطيفة إلى ممارسة البغاء، وكان على علم بذلك رجال المباحث، الذين سرعان ما ألقوا القبض على الأشخاص الأربعة فور وصولهم إلى منزل شقيقتي، ومختتمًا: أهنئ نفسي حقًا على رجوعي لوالداي، إني سعيد، وليس أحق مني بالسرور أحد، انتهت آلامي إلى الأبد " - كما يقول الرجل.

إرسال تعليق

أحدث أقدم