كتبت نورا علاء
"كان
شرًا اختبأ خلفه مرارة الحياة" بهذه الكلمات وصف "عطية السعيد" حياة
زميله "أيمن فرج" البالغ من العمر 28 عامًا، يقطن في أحد شوارع بولاق
الدكرور، ونشأ في أسرة فقيرة لم يعرف العلم طريقًا لها، فخرج من المدرسة منذ
المرحلة الابتدائية ليبدأ رحلته المبكرة مع الحياة بعد وفاة والده تاركًا له أمه
وثلاث أخوات، وبدأ "أيمن" في أولى وظائفه كصبي في إحدى المقاهي الشعبية،
ثم مصلح سيارات، وسواق "ميكروباص"، ليكبر وتكبر معه خفة اليد وسرقة
الزبائن، وينتهي به المطاف مطرودًا من العمل بعد ضربه ورميه بألفاظ نابية، ليجد في
المخدرات ملاذًا آمنًا من قسوة الحياة.
ويبدأ
"أيمن" يومه بسيجارة "حشيش" ويرتدي قميصًا وبنطالًا باليين
ويحمل جواله ليبدأ في جمع العبوات البلاستيكية ويقوم ببيعها أخر اليوم لأحد
التجار، ليحصل في نهاية يومه ما يقارب 300 جنيهًا كحدٍ أقصى، يذهب أغلبها في شراء
المخدرات، برغم إرسال والدته له للعلاج منها، إلا أن المخدرات كانت أقوى فتغيرت
ملامحه وصوته، بعد أن ملأ الشارع بصوت شجاره، أصبح مشهدًا يجد الناس فيه ملذة
النميمة وأمه تسحبه لشقتهم منهكًا من شرب المخدرات.
وفي
شهر أغسطس الماضي تشاجر "أيمن" مع والدته كما اعتاد، مبرحها ضربًا في
الشارع على مرأى من الناس، انتهت بلطمة شقت وجهها، مما اضطر والدته لترك المنزل، ويغيب
"أيمن" بعدها عن الأنظار لمدة أسبوع دون أن يراه أو يسمعه أحد، وترددت
والدته على العم "عطية" للاطمئنان على ابنها، كما بدأ سكان الشارع يشكون
من رائحة سيئة انتشرت في الأرجاء، وبدأوا في البحث عن المصدر، فاتصلوا بوالدة
"أيمن" لفحص منزلها إن كان مصدر الرائحة.
"يا
أيمن رد عليا يا ابني"، على صوت هذه الصرخات انتفض أهالي شارع أحمد عيد، حيث
أتت والدة "أيمن" لتجد ما لم تتخيله، أرضًا مليئة بسائل لزج، وجسد ابنها
على الأرض منتفخًا وتساقط لحمه وأخذ الدود يجول بين عظام وجهه، واختفت عيناه وأسود
لونه، قائلة "عرفته من هدومه"، ويأتي الأهالي ويسحبون أمه لخارج المنزل،
متصلين بالشرطة لتحقق في الأمر، وقد أقر الطب الشرعي أنه توفى نتيجة جرعة زائدة من
المخدرات، لترحل الشرطة ويصبح جثمان "أيمن مزارًا لأهالي الشارع، وتبدأ أمه
في البحث عن مغسل يقبل ابنها بعد أن تبرأ منه الكثير، وتحمل ابنها للمرة الأخيرة
في نعشه وتذهب به، ولم يراها أحد منذ ذلك الحين.
