عصابات الهجرة غير الشرعية تستغل
الأزمات.. وضابط بالحكومة الفلسطينية يمتنع عن الرد
نبيل نجم خبير
شؤون أفريقية: طرفي النزاع امتنعا عن فرصة إيقاف الحرب مبكرًا
فلسطيني: الحكومة لا دخل لنا بها
وسافرت إلى مصر بعد أحداث حي الشيخ جراح.. وسوداني: "الحرب مستمرة وأنا في
بلدي الثاني مصر"
كتبت نورا علاء، رحمة سعيد
صراع البقاء
واختيار الوطن أم الرحيل والحياة، معاناة لم يسلم منها أهالينا العرب في كثير من
الدول، وجدوا الطرق تأتي بهم إلى مصر بطرق شرعية أو غير شرعية الهجرة أصبحت
اضطرارًا وليست اختيارًا بعد أن شاهدوا دماء أقاربهم وسمعوا طلقات الرصاص وأصوات
الصراخ تحول الوطن إلى كابوسٍ، وهذه بعض الروايات.
روت زينات
حسنين، سورية 37 عامًا، أنها ولدت وعاشت فترة في سوريا إلى أن قرر والدها السفر
بأسرته إلى السودان لتعلق أمور عمله في التجارة هناك، ثم عادت إلى بلدها مرة أخرى،
وكانت وقتها في المرحلة الإعدادية، ولكن كتب لهم الهجرة من سوريا مرة أخرى، عند بدايات
الحرب وإن لم يعلم بها أحد،، فهاجرت هي وزوجها وأولادها بعدها إلى لبنان حتى حدثت
الأزمة، ثم هاجروا بعدها إلى مصر، وأصبحوا بلا عائلة فالباقي إما سُجن أو قُتل،
وأن معرفتها بالمصريين ليست الأولى فكانوا جيرانها في سوريا، وكثيرًا ما سافر
المصريون إلى سوريا للعمل وغيره، وأنها فقط تشتاق إلى وطنها، مختتمة بدموعها أن
الأوضاع في سوريا قد تكون أقل حدة من السابق، أو أنها أصبحت مغيبة عن وطنها بسبب
الإعلام، معبرة عن حزنها على حال سوريا ولبنان والسودان، وإن كانت الذكريات قليلة
أو غابت عن ذهنها إلا أنها أوطان عاشت على أراضيها.
قال صهيب خليل،
فلسطيني 31 عامًا، إنه في إحدى الاحتجاجات التي اعتاد الشعب الفلسطيني القيام بها في
الدفاع عن أرضهم، حدث هذا اليوم اشتباكات بين الفلسطينيين المدنيين وفريق من
العساكر، ذلك اليوم الذي أدرك فيه الحال الذي صار فيه الفلسطيني من مساند لأخيه
إلى رافع السلاح في وجهه؛ فقرر السفر إلى مصر ليتمكن من الإنفاق على أسرته بعد أن
دمرت قوات الاحتلال دكانه سابقًا، وكان دمارهم سبب في هذا الاحتجاج.
وأكمل
"صهيب" أنه بالفعل قام بترك أسرته المكونة من خمسة أفراد زوجته وأربع
أبناء عند عائلة زوجته، وذلك بعد أن واجه موجة عنيفة من الاكتئاب، مضيفًا أنه
واجهته صعوبات في الهجرة إلى مصر، خاضعًا إلى العديد من التحقيقات من قوات
الاحتلال الذين أحضروه إلى مركز الشرطة في أوقات متأخرة حتى تمكن من استخراج
تصريحات السفر، متعجبًا أنه في الوقت ذاته وجد العديد من الإسرائيليين يستخرجون
تصريحاتهم بسهولة ويدخلون الحدود المصرية كأنهم مصريين وهذه أرضهم.
وتابع "صهيب" أنه بقدر اشتياقه إلى الوطن بقدر ما وجد في المصريين أهله الذي افتقدهم،
وأصبح جيرانه مثل أولاده، ومنذ اندلاع الحرب في فلسطين انقطعت عنه أخبار أولاده،
قائلًا أنه قد رأى حلمًا لزوجته وأولاده يودعونه، ومنذ هذا اليوم أدرك أنهم قد
رحلوا، مختتمًا أن الاتصال المادي انقطع بينهم، لكنهم لازالوا بين ضلوعه يشعر بهم
وبما مروا به من دونه، نادمًا على تركهم.
أوضح بركات
جمعة، سوداني، 24 عامًا، أنه بدأ مشروعه الخاص في السودان، بتفصيل الملابس والموضة
وبدأ في هذا العمل منذ صغره حتى افتتح مصنعه الذي رآه يتم تكسيره أمام عينيه وأخذت
قوات الدعم السريع أمواله، تحطم المصنع ولم يبق منه شيء، مقررًا بعدها الهروب إلى
مصر داخل إحدى الشاحنات وغفلت عنه الجنود أثناء عمليات التفتيش، واصفًا لها أنها
كانت أكثر لحظاته رعبًا أكثر من تدمير حلمه، فهي لحظة فاصلة بين الحياة والموت،
فهكذا أصبحت الحدود المصرية، واضطر للانتظار مدة تصل حوالي أربع أيام تقريبًا،
قائلًا أنه فقد قدرته على العد من كثرة النوم نتيجة الإرهاق وعدم تناول الطعام أو
الماء لعدة أيام، حتى وصلت الشاحنة وتسلل بهدوء ونام على الطريق، ووجده أحد
المصريين لا يعلم له اسمًا وأعطاه الماء والطعام ورحل، وأصبح يعمل في الورش
الصغيرة واستأجر غرفة فوق سطح أحد المنازل.
وتابع
"بركات" أن الحرب هناك في معزل عن العالم، وأن ما يتم مشاهدته ورؤيته
عبر وسائل التواصل الاجتماعي ما هو إلا قشور طفيفة مقارنة بالواقع وما ذاقه أهل
السودان، قائلًا إنه لن ينسى أصوات الصراخ المتتابعة وهو يرى جنود الدعم السريع
تجري في مختلف أنحاء الشارع مصاحبة لها صوت طلقات الرصاص وسقوط عدة رجال ضحايا،
وعربات ضخمة تحمل بداخلها كل ما يمكن حمله من أجهزة ومال وذهب، وحسب ما قاله إن
بقائه في مصر نعمة كبيرة على الأقل لا يوجد هذا المشهد.
أفادت سماح
المحمدي، عراقية، 55 عامًا، أنها أتت إلى مصر بطريقة شرعية من خلال استخراج
تصريحات السفر ويوجد بمصر الكثير من العراقيين، ولكن الغالبية من السودان وسوريا،
وأنها لم تجد الكثير من الألم في وطنها فقد كانت صغيرة لم يكتمل وعيها بالواقع،
وأن ما تعلمه من خلال حكايات والدها لها، فهم في مصر منذ حرب العراق وكان وقتها
جدها هو من هاجر قبل اندلاع الحرب؛ لأنه علم ببداياتها نتيجة وجود أصحابه في الجيش
العراقي، مقررًا الهجرة بعائلته، ومنذ ذلك الحين هي تعيش في مصر.
المسؤولون يجيبون
في محاولة
للتواصل مع المسؤولين السوريين والفلسطينيين والعراقيين منهم نواب في البرلمان أو
ضباط في الجيش، أو متقاعدين، فقد واجهنا رفضًا من الجميع، حيث أجاب عزيز بركة،
ضابط فلسطيني، أنه لا يملك الوقت للرد، أما عبدالكريم مختار، ضابط عراقي، اكتفى
بحظر حساباتنا، وسعد العاصي، برلماني سوري، لم يبد أي ردة فعل، وأجاب علينا فقط
المسؤولون السودانيون.
أفاد نبيل نجم،
خبير الشئون الافريقية، أنه لا لوم على هجرة الشعب السوداني، لأنهم كانوا تحت
تهديد القتل والقذف فهربت الناس بنفسها وبأبنائها، تاركين بيوتهم وثرواتهم، وهو
أمر طبيعي لأن الإنسان يحتاج إلى الأمن والأمان والمسكن، وهو ما فقدوه في السودان
في تلك الحرب اللعينة، التي لم تفرق بين مسجد ومستشفى وبيت، ولكن كل اللوم على
طرفي النزاع اللذان لم يراعيا حرمة البيوت وقدسيتها وكان بيدهم إيقاف الحرب
مبكرًا، ولكن كلاهما يريد القضاء على الأخر، فهي معادلة صفرية تدمر كل شيء أمامهم.
وأوضح صباح موسى، خبير الشئون الأفريقية، أن ما حدث في السودان من البداية هو تمرد
لميليشية طمعت في السلطة السودانية، وكما يقولون أن الجيش السوداني هو السبب في
الحرب، وأنه من هاجم هذه الميليشية، ولكن ما لا يروى أنه قبل انطلاق الحرب توجهت
الميليشية لمدينة مروي، وكان هناك قاعدة
جوية ملكًا للحكومة السودانية قاموا بضربها، وبعد ذلك انطلقت هذه الميليشية بما
فعلته في الشعب السوداني، وما لا يقل عن ٣٠٠ ألف نزحوا بعد الحرب خاصة من العاصمة
الخرطوم، وقوات الدعم السريع تعيش في
منازلهم بالخرطوم الآن، وتم سرقة الشعب جهارًا والمواطنون عندما يعودون إلى
منازلهم يجدون جدرانًا فقط، وبالتالي الميليشية التي تسوق أنها تبحث عن السلام
بالسودان تريد أن تأتي بهذه الديمقراطية من خلال تشريد المواطنين والشعب السوداني،
فهي حرب معقدة وممنهجة.
