شبح الثانوية العامة.. ومستقبل أفضل للمدارس الفنية

 

النكبات النفسية والانتحار.. اختصار لحياة طالب ثانوي

طلاب المدارس الفنية يضمنون الوظيفة ويطورون الشغف

طبيب نفسي: الضغط الأسري هو السبب.. ومدير: حولت المدرسة إلى مركز للدروس الخصوصية

كتبت نورا علاء

مرحلة الثانوية العامة لم تخل منها حياة أي أسرة في مصر، متسببة في العديد من المشكلات النفسية لبعض طلابها، بينما تزداد مشاكلها، يزداد التعليم الفني فرصًا للعمل وأقل ضغطًا على الطلاب، يفضل الأهالي النظام العام طامحين أن يصيب سهمهم إحدى كليات القمة.

طلاب الثانوية العامة يشتكون

تنام مريم مدحت، اليوم 5 ساعات ونقص وزنها إلى 46 كيلو، وخلال رحلتها أصيبت بعدة مشاكل أبرزها مرض الضغط، فضلًا عن إصابتها بفيروس مناعي، واحتجازها في المستشفى لمدة أسبوع، متابعة أن الثانوية العامة ما هي إلا إرهاق وأمراض جسدية ونفسية للطالب؛ مما ينعكس سلبًا على الأسرة، معترضة على نظام التعليم الجديد وأنه زاد الضغط على الطلاب.

أضافت روان السيد، طالبة ثانوية عامة، أن الضغط الدراسي جعلها تبدو في حالة رثة؛ حيث امتلأ وجهها بالحبوب وتساقط شعرها، وضعفت لديها المناعة وارتفعت نسبة الأنيميا، وأنها تكمل طريقها نحو تحقيق حلم والدها ودخول كلية الطب، لما واجهه من صعاب مادية لتوفير تكلفة الحصة الواحدة حيث تصل إلى 65 جنيهًا، مع وجود العديد من المواد أسبوعيًا فضلًا عن مصاريفها الشخصية، لتصل الكلفة إلى 4000 جنيه شهريًا لها فقط.

وذكر محمد علي، طالب في كلية الفنون التطبيقية، أن صديق أقدم على الانتحار خلال فترة المراجعة العام الماضي، وكانت صدمة لجميع أصدقائه، فهو كان حريصًا على العبادة متفوقًا في دراسته، ولكن في الفترة الأخيرة اكتشف إصابته بمرض السرطان في العظم، وأصبح يتخلف عن الدروس لتلقي العلاج وضعف مستواه الدراسي، مما أصابه بالاكتئاب حتى سمعوا بخبر انتحاره.

المدارس الفنية عالم أخر

بدأ عمرو محمود، طالب في مدرسة المجمع التكنولوجي المتكامل، العمل خلال فترة دراسته، فهي لا تمثل أية ضغوطات عكس ما يجد عليه أصدقائه في الثانوية العامة، وأساس عمله يقوم على دراسته، مضيفًا ابتكاره العديد من المشاريع من الأدوات البسيطة، وأكثر ما يفضله هو تصنيع تحف فنية من القطع المعدنية والبلاستيكية الصغيرة، مفكرًا في تأسيس بزار لبيع منتجاته إلى جانب عمله.

وأكمل "عمرو" أن أصدقاءه في النظام الثانوي العام يصابون بالعديد من الأمراض، فضلًا عن انتحار جارهم نتيجة الضغط الدراسي الهائل، وتعليق أهله طموحًا مثل عليه عبئًا، والبعض أصيب بأمراض الجهاز الهضمي أبرزها القولون، وأدت إلى حجز صديقه مدة أسبوعين نتيجة إمساك شديد كاد أن يسبب له تلوث في الدم.

روى عمر هاني، طالب بمدرسة الكمال الفنية، أن والده ضغط عليه ليختار النظام العام بدلًا من الفني، إلا أنه أصر وأثبت صحة كلامه لوالده، وبدأ مشروعه الخاص مع أصدقائه، وحاليًا يقومون بالتجهيز لشراء أحدث الآلات من الصين، ويفكر في افتتاح مركز لجمع أطفال الشوارع وتدريبهم، ووالده تحول موقفه من الهجوم إلى الدعم، والآن يسعون في إصدار التصريحات.

أكثر خصوبة

وجدت رجاء عبدالفتاح، خريجة مدرسة فنية، قسم إلكترونيات، فور تخرجها وظيفة في مدرسة في مادة "الاقتصاد المنزلي"، لتعمل بها خلال الفترة الصباحية، وبعد انتهاء اليوم الدراسي تذهب إلى مشغلها الخاص لصناعة الحلي، وبدأت في توسيع نشاطها التجاري، مبتكرة علامة تجارية وشعارًا خاص بها، وحلمها أن تصبح مثل "عزة فهمي".

يملك هلال سعد، خريج مدرسة "العربي" للتكنولوجيا التطبيقية، شركته الخاصة لاستيراد أجهزة الحاسوب، ويعمل في تصليح التالف منها بعد شرائها واستخراج السليم منها، وبيعه كقطع غيار مستعملة لأجهزة أخرى، كما أنه عمل لفترة في شركة العربي داخل المصنع، وبعد أربع سنوات كان يملك الخبرة الكافية لبدء عمله الخاص، وشركته أساسها تصنيع الأجهزة الكهربائية، إلا أن عمله في أجهزة الحاسوب ناتج عن شغفه بها الذي ازداد بعد دراسته.

ويجهز مهاب أحمد، خريج مدرسة "العربي" للتكنولوجيا التطبيقية، حقيبته للسفر إلى والده في قطر، ليعمل معه في مجال السيارات، حيث يملك العديد من المهارات التي حرص على صقلها خلال فترة دراسته، وأن دراسته جاءت كوسيلة مساعدة لتحقيق حلمه، لوجود وفرة في الوقت وشبه انعدام الضغط الدراسي، خاصة أنه يدرس مجالًا يحبه.

الطب النفسي يرشد الآباء

نوه وليد الهندي، طبيب أمراض نفسية وعقلية، عن ضرورة اعتبار الثانوية العامة مجرد مرحلة دراسية، ولا علاقة لها بتحديد مصير الطالب، فالضغط الذي يواجهونه غير ناتج عن المواد الدراسية بقدر الاهتمام الشديد الذي يوجهه الآباء لمفهوم الثانوية العامة، مع تعليق آمال قد تفوق قدرة الطالب، مؤكدًا تدخل ظروف عدة تحدد مجموعه، فقد يذاكر الطالب، ولكن وقت الامتحان لا يتمكن من الإجابة، لعدم التدريب الكافي.

فرصة أفضل

أفاد محمد كمال، مدير مدرسة الكمال الفنية، أن المدرسة أفتتحها منذ عامين، ويخصص المبنى خلال الفترة الأولى لطلاب المدرسة الفنيين، ويقوم فيها المدرسون على تعليمهم حرف مختلفة أبرزها النجارة، وهو المجال الذي يتوجه له أغلب الطلاب، مؤكدًا توفير كافة سبل التعليم، بينما الفترة الثانية يتحول إلى مركز تعليمي لاستضافة الدروس الخصوصية لطلاب الثانوية العامة، مقارنًا الفرق بين الأعداد قائلًا "الثانوية العامة مجهود وفلوس وعدد ضخم وفي النهاية مفيش شغل"، موضحًا أن استضافته للدروس جاءت نتيجة قلة الربح الحاصل عليه من المدرسة الفنية.

وأوضح حسين حماد، أستاذ في مدرسة الكمال، أن التعليم الفني يتيح فرصة العمل للخريج داخل مصر وخارجها، وأنه عاصر طلاب منهم من وصل إلى منصب مدير والآخر أفتتح تجارته الخاصة، متابعًا أنه خلال عمله يجد العديد من المهارات التي بإمكانها منافسة المنتج المحلي، وبيعها للسياح بمبالغ ضخمة، وبعض الطلاب يبتكرون استخدامات جديدة للآلات.

وأفصح بدوي علام، مدير مدارس الصفا الخاصة، عن التجهيز لافتتاح مدرسة فنية، فضلًا عن وجود المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية العامة ومدرسة لغات ومعهد، موضحًا أهمية التعليم الفني والصناعي بكافة أشكالهم تكمن في وجود نقص للعمالة في السوق لاتجاه الغالبية نحو الثانوية العامة، رغم معرفتهم بندرة الوظائف وكثرة تهجير الأيدي العاملة المدربة للخارج، واكتظاظ الجامعات بالطلاب، إلا أن أغلب الأهالي الذين صادفهم يجدون أنها تضفي مكانة اجتماعية، ويسعون نحو كليات القمة في مختلف الشعب.

وتابع "علام" أن الطلاب في الثانوية العامة بدأت ترتفع معدلات الرسوب، ومع ظهور الجامعات الخاصة زاد إهمال الطلاب، مؤكدًا حرص المدرسة على ضبط الطلاب وإلزامهم بقوانين المدرسة ومنع الغش، والحرص على متابعة مستواهم، إلا أنه يوجد طفرة بالأجيال عما سبق.



إرسال تعليق

أحدث أقدم