"طيف" ترصد معاناة العمال في مختلف المهن

صامويل: انعدام النظافة يجعل الشعر يسقط في المنتجات.. والمصنع تجاهل تسببهم في حرق من الدرجة الثانية

عامل سقالة: صديقي سقط أثناء العمل من الدور السادس ومات.. والعمائر غير المرخصة تفتقر إلى التأمين

مهندس بترول: نخاف الموت متجمدين أثناء العمل.. ونواجه استنشاق المواد الكيميائية

محامي بالنقض يحذر: "المهن الخطرة لازم تأمين وإلا مفيش حد هيحميه".. ويعلق على بدل العدوى "القانون مش ناصفهم"

كتب: رحمة سعيد، عبد الرحمن أحمد، مريم جهاد، عبد الرحمن محمود

ما بين مصري الجنسية أو غيره، وما بين فقير أو غني، أخطار العمل تطرق باب الجميع وحياتهم باتت تحت التهديد بداية من العامل البسيط، جميعهم يواجهون شبح الموت والخطر في بيئة تنعدم بها سبل الوقاية والأمان، وتتقلص ضمانات الحماية أو حتى عدم تكرار الحوادث.

من يهتم؟

ذكر صامويل أمين، 31 عامًا، ومقيم في مصر منذ عام، يعمل في قسم بسترة وتعبئة منتجات الألبان في مصنع إحدى محلات الحلويات الشهيرة، أنه هو وزملاؤه يعملون في بيئة تتسم بدرجات حرارة مرتفعة، ومعدات قديمة، تعرضهم لروتين يومي غير آمن، راويًا حادثة عرضته لحروق من الدرجة الثانية بسبب خطأ في ماكينة ضخ الألبان، وكلفه ذلك التعرض لحرق غير عادي في ذراعه وكتفه لا يزال أثره موجود حتى الآن، رغم ذلك لم يحصل من إدارة المصنع على أي تعويض مالي، ولا حتى إجازة، والكثير من العمال قد تعرضوا لحوادث في الماضي، مما يعني عدم ضمان المصنع ألا تتكرر تلك الحوادث مستقبلًا، معقبًا "نعمل وسط النار"، مؤكدًا تجاهل المصنع لمطالبهم، ورفض تقديم التعويض المناسب يجعل الوضع أكثر تعقيدًا وضغطًا على العمال.

ويشير "صامويل" أن إدارة المصنع لا تنسى الخصم والتوبيخ عند إسقاط العمال للمنتجات، رغم أنهم غالبًا ما يسقطونها أرضًا غير متعمدين لسخونتها، وسط بيئة عمل وصفها العامل "بالمهرجان"، حيث لا يكون هناك أدنى حالات النظافة، مما يسبب سقوط شعر في المنتجات الألبانية، والظروف غير الأدمية التي تقع حتى على النساء اللواتي يعملن بالمصنع.

مخاطرة السقالات

يتعرض عمال السقالة إلى الخطر كل يوم، أوضح شحاتة محمود، 40عامًا، أنه يعمل  فوق ألواح خشبية أو أعمدة حديدية متهالكة غالبًا، معرضة للانهيار في أي وقت، بسبب ضعف معايير الأمان في إنشاء السقالات، خاصة في مشروعات البناء الصغيرة التي لا توفر الأمان المطلوب أثناء العمل في طوابق مرتفعة، رغم ذلك "بنشتغل بضمير"، مضيفًا أنه لم يغير مهنته الخطرة؛ بسبب عدم وجود بديل، فهو لا يعلم مهنة غيرها منذ صغره، وأنه لن يسمح لأولاده بالعمل في هذه المهنة، خاصة عندما يتذكر أحد أصدقائه الذي سقط من فوق السقالة ميتًا أمام عينيه، أثناء عملهما بعقار تحت الإنشاء في مدينة بدر على سقالة خشبية، فاختل توازن صديقه وسقط من الطابق السادس وتوفى على الفور. 

وأشار "شحاتة"، إلى أنه في بعض المواقع هناك من يتأكدون أولًا من سلامة الوضع، من خلال فحص السقالات قبل وبعد الاستخدام، ولكن أغلب العمائر غير المرخصة لا يقومون بفعل ذلك؛ وهذا ما يسبب سقوط العمال من فوق السقالات، وأنه رأى مرة سقالة تنهار كلها عند عمله في الغربية، لكن لم ينتج عنها وفيات وقتها، فهو يرى أن مهنته شديدة الأهمية، وإذا مات يوم بسببها فسيكون ذلك بسبب خدمته للمجتمع والمواطنين.

صرح كريم عباس، مهندس البترول، أن عاملو ومهندسو الحفر والتنقيب عن آبار البترول في عرض البحر، هم أكثر فئة تواجه خطر الموت، وأكبر مشكلة تواجههم في الشتاء هي الأمطار وسرعة الرياح، والرياح أشد خطرًا؛ حيث أن سرعتها تقلل درجات الحرارة بشكل كبير تصل إلى 2 أو 3 درجات مئوية، أو قد تكون تحت الصفر، وهذا حدث في السنوات الأخيرة في مصر مع موجات البرد القارسة مؤدية إلى التجمد، موضحًا أن عملهم مرتبط بسرعة الرياح، فعندما تزداد سرعة الرياح يوقفون العمل، فممكن أن يسقط العامل من شدة الرياح، والأمطار يمكن أن تسبب حالات انزلاق، وبالتالي يتم أخذ احتياطات عالية مع ارتداء ملابس معينة، فتتكون معدات الحماية الشخصية للعمال والمهندسين في البدلة العازلة للماء، وأحذية السلامة والقفازات والخوذة والنظارة الواقية، وغالبًا ما تكون البذة مزودة بعاكس للضباب؛ حتى يتمكن العمال من رؤية بعضهم البعض في حالة الضباب، مضيفًا أن هناك خطر استنشاق المواد الكيميائية، فتكون هناك جزيئات متناهية الصغر تنبعث أثناء العمل.

حقوق عامل

أوضح عبد الغني علواني، محامي بالنقض، أن التأمين هو الضامن الأكبر للعامل، وقانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019 هو لزامًا لصاحب العمل بحفظ حقوق العمال، وتعتبر المادة 50 لزامًا صريحًا للجهة المسؤولة بعلاج الموظف وتحمل تكاليف الانتقال عند حدوث إصابة، بشرط أن يكون العامل مسجل لدى مقاول أو شركة لديهم بطاقة وسجل، ومن خلالهم يكون لديه تأمين وإثبات في قانون العمل، ولا يصح أن يعمل أحد في مثل هذه المهن بدون تأمين وغير قانوني "مفيش حد هيحميه".

وأضاف "علواني"، بوجود معاش في حالة التأمين، ويكون مبلغ المعاش حسب مبلغ التأمين ذاته "نسبة وتناسب في الأجر حسب التأمينات"، كذلك حصول الأهل على تعويض في حالة الإصابة أو الضرر، ووجود بدل عدوى، لكنه بمبالغ رمزية، موضحًا أن الطبيب الأكثر عرضة للعدوى يأخذ ٥٠ جنيهًا، فلا يوجد للعمال سوى مبالغ بسيطة "القانون مش ناصفهم"، علاوة على ذلك يوجد بدل سفر إذا كان مكان العمل يتعدى أربعين كيلومترًا، لكن أيضَا مبالغ صغيرة؛ لأن الشعب عدده كبير والحكومة يصعب عليها تعويض كل ذلك، إضافة إلى تجريم القانون عمل الأطفال في مثل هذه المهن بحجه أنهم اصغر وأخف حجمًا، وإذا اكتشف القانون هذه الجريمة يتم سحب المنشأة.







إرسال تعليق

أحدث أقدم