وقعوا في المصيدة.. الاستغلال التجاري يهلك المواطنين

 

       مدحت نافع، خبير اقتصادي

نورهان: ثلاثة أشهر أعالج بشرتي بسبب المنتجات المضروبة.. وثناء: التجار تغش في وزن الدواجن

ووفاء: وجدت غسالة مختلفة عند عودتي.. وولاء: منتجات "بير السلم" أضرت جهازي الهضمي

الاقتصاديون يؤكدن ضرورة ضبط الأسواق.. ونصائح لكشف المنتجات المضروبة

كتبت حنين سمير، تسنيم حسين، نورا علاء

انتشر الاستغلال التجاري وشاع مؤخرا بشكل كبير بين التجار والبائعين، حيث تتعدد أشكاله ما بين رفع سعر السلعة، أو بيع المنتجات المضروبة والمغشوشة، وإعلانات المسابقات الكاذبة وغيرها من الأشكال، والتي يقع بها أغلبنا، لتزداد أحوال المواطن سوءً.

لم يترك مجالًا

قررت نورهان ممدوح، 21 عامًا، تجربة المنتجات الأصلية، ولكن من خلال شرائها من منافذ بيع عادية، مثل المحلات التجارية في الحارات والمناطق العشوائية، نظرًا لسكنها في منطقة "بولاق دكرور"، مما يصعب عليها الوصول إلى المحلات الكبرى إلا بعد مشقة الطريق، ورغم تأكدها أن العبوة أصلية، إلا أنها تسببت لها في العديد من مشاكل البشرة.

ولجأت "نورهان" إلى طبيب لتخضع إلى كورس علاجي دام فترة ثلاثة أشهر، وبعدها قامت بشراء نفس المنتج، ولكن من الشركة ذاتها، ولم يسبب لها أية مشكلات، وأخبرها الكثير من الأصدقاء أن المحلات الصغيرة تبحث عن العبوات الأصلية في سلال القمامة، وتأخذها وتجهزها لإعادة تعبئة منتج غير معتد تحت اسم الشركة.

وتذهب ثناء كمال، 38 عامًا، متزوجة، إلى السوق رغم أنها تجد أن نفس السيارة توزع الدواجن على مختلف المحلات في نفس السوق، إلا أن أسعار الدجاج تختلف من محل إلى أخر، والبائعين يقومون بحقن الدجاج بالماء أسفل الجلد لتتضخم وتزداد وزنًا، وتتفاجأ بها عند الطهي تتقلص وتصبح صغيرة لا تكفي أسرتها، وقد تخسر في الدجاجة الواحدة ما لا يقل عن 50 جنيهًا، إلى جانب بيع بعض الدواجن على أنها صغيرة سنًا وتأخذ وقتًا في الطهي كبير، خاصة أنها لم تكن ليس لديها أية خبرة بالمطبخ.

وأضافت "ثناء" أن الأمر لا يتوقف فقط على الدواجن، بل تخطى الأمر إلى تجار الخضروات وبائعي السلع الحرة المختلفة، فمثلًا يقوم التاجر بتخزين السكر والأرز بالاتفاق مع بقية التجار وبيعه بسعر مبالغ فيه، مما يضطر الناس إلى الشراء بالسعر المرتفع؛ لعدم توافر السلعة من الأساس في المنطقة، كما أنها تجد العديد من منافذ البيع تستغل السلع التموينية مثل الدقيق والسكر، ويقومون ببيعها للناس بسعر مضاعف.

أخبرتنا وفاء خميس، 42 عامًا، متزوجة، بشرائها سلع بمبالغ ضخمة، خاصة السلع طويلة العمر، وتعرضت إلى النصب خلال شراء الغسالة، حيث عرض عليها التاجر غسالة جديدة تمامًا، ووافقت وقامت بشرائها ودفع المبلغ بالكامل، وقامت سيارة بإيصال الغسالة لتجدها واحدة أخرها، وعند إخبار التاجر رد أنها نفس الغسالة التي اختارتها، وبعد جدال وتهديد منها على إخبار الشرطة، وافق على استبدالها ويعيد لها الغسالة التي اختارتها بالفعل.

وأوضحت ولاء فتح الله، 36 عامًا، أنها تعرضت لمشاكل في الجهاز الهضمي؛ نتيجة شراء سلع غذائية وجدتها في المتجر، مؤكدة أنها لم تلاحظ الفارق بينها وبين المنتج الأصلي للتشابه الشديد بينهما، وأن هذا المتجر معروف وتثق به، وأخذت السلعة دون تحقق كافٍ، واستعملتها لتبدًا بعدها في القيء واضطرت إلى الذهاب إلى المستشفى، متسببة لها في العديد من المشاكل الصحية التي لازالت تتعافى منها حتى الآن منهم أمراض القولون.

الخبراء الاقتصاديين يفسرون السبب

ذكر أحمد شوقي، خبير اقتصادي، أن التجار يقومون برفع أسعار السلع بشكل مبالغ فيه، متخذين ارتفاع الدولار والأزمات العالمية "شماعة" لهم في زيادة الأسعار دون مبرر، وهو جريمة يعاقب عليها القانون، فزيادة أسعار بعض السلع يكون ناتج عن جشع التجار؛ لأن العديد من المنتجات تكون محلية الصنع بنسبة 100%، ولا يجب أن تتأثر، وارتفاع سعر الدولار أو انخفاضه يرتبط أيضًا بعوامل داخلية وخارجية، من بينها ضغط المستثمرين على الدولار نتيجة حاجتهم إليهم، والدولار يشكل جزءا فقط من تكوين المنتج المصري وليس إجمالي التكوين.

وأضاف "شوقي" أن أزمة ارتفاع الأسعار هي نتاج الأزمة الاقتصادية العالمية؛ نتيجة تداعيات أحداث متتالية أثرت على الاقتصاد العالمي، وأزمة الحروب الخارجية كانت سببًا رئيسيًا في التداعيات الاقتصادية السلبية التي شهدها العالم خلال الفترة الأخيرة، لتأثيرها على العديد من الدول الكبرى صناعيًا واقتصاديًا، وليس مصر فقط، ولكن تجار الأزمات هم من يساعدون في تفاقم الأزمة الاقتصادية، باستغلالهم الوضع لتحقيق أرباح مالية، ولكن المواطنون عليهم مسئولية الإبلاغ عن أي ضرر بشأن التسعير أو ارتفاع الأسعار.

أوضح مدحت نافع، خبير اقتصادي، كيفية تمييز المنتج الأصلي من المغشوش، فدائمًا ما يكون سعر المنتج المغشوش أقل من سعر الأصلي بمبلغ كبير، فإذا كان المبلغ بسيطًا فهذا ينبه إلى أنه ليس أصليًا، والمنتجات المقلدة غالبًا ما تفتقر إلى المعلومات عن الشركة التي أنتجت هذا المنتج، ولا تقدم أي تفاصيل للاتصال، فإذا وجد الشخص أن الشركة لم تسجل موقعًا إلكترونيًا أو عنوانًا أو بريدًا إلكترونيًا أو رقم هاتف لتلقي التعليقات من العميل، فهذه مسألة مثيرة للقلق، ويجب أن يقوم الشخص بتجربة المنتج قبل شرائه، وخاصة المنتجات التي توضع على البشرة مباشرة، مثل كريم الأساس والبودرة، كما يجب التأكد من ملمسها الناعم وعدم ترك أي آثار على البشرة.

وأضاف مدحت الشريف، خبير اقتصادي، أنه في تلك الحالات يجب التدقيق جيدًا قبل تناول أي سلعة، لمعرفة إذا كانت مغشوشة أم لا؛ عن طريق مراجعة طريقة التغليف، حيث تختلف في الأكياس المغشوشة في طريقة التغليف عن الأصلية، وكذلك رسمة الكوب، فتختلف رسمة الكوب من حيث الألوان والشكل فتجدها مشوشة، بالإضافة الى الخط الذي يكتب على السلعة، فيكون مختلف بشكل واضح عن المنتج الأصلي.

وأكد "الشريف" ضرورة تكثيف الجهود لضبط الأسواق، ومنع تسرب السلع المغشوشة والمضروبة إلى السوق، مشددًا على أهمية مواجهة مصانع "بير السلم" التي تستخدم مواد غير مطابقة للمواصفات وتهدد سلامة المواطنين، وتؤثر بالسلب على الصناعة، وأن من يخالف ذلك يخضع لقانون حماية المستهلك، والذي شدد على عقوبة الحبس والغرامة لكل من خدع أو شرع في أن يخدع المتعاقد على ذاتية البضاعة، إذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه، أو حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتوى من عناصر نافعة، وبوجه عام العناصر الداخلة في تركيبها.

وأوضح توفيق شرف الدين، أستاذ القانون بجامعة عين شمس حول حقوق الملكية الفكرية، أنه يجب على الشركات والأفراد ضمان أن لديهم الحقوق اللازمة لاستخدام هذه الأصول بشكل قانوني، وقد يتطلب الأمر الحصول على تراخيص أو تصاريح من مالكي الحقوق، ويمكن أن يتضمن ذلك استخدام العلامات التجارية المسجلة، نسخ الأعمال المحمية بحقوق الطبع والنشر، أو استغلال براءات الاختراع دون تصريح.

وتابع "توفيق" أن أشكال الاستغلال التجاري متنوعة منها التلاعب بالمعلومات المالية، أو التضليل، أو عدم الإفصاح عن معلومات هامة للعملاء أو المستثمرين، بالإضافة إلى قوانين المنافسة، فقد يواجه الأشخاص أو الشركات تحديات قانونية، إذا تورطوا في ممارسات تجارية تُعتبر غير عادلة أو تقيّد المنافسة، والتلاعب بالأسعار، أو إنشاء احتكارات غير قانونية، أو تقويض المنافسين؛ لذا ضرورة اتباع الالتزامات القانونية، ويجب على الشركات التي تستغل الأصول أو الموارد لتحقيق ربح التأكد من الامتثال لجميع القوانين واللوائح المحلية والدولية المتعلقة بنشاطها التجاري، ويتضمن ذلك الضرائب، والتوظيف، واللوائح البيئية.

وذكر أيمن محمد، مسؤول بجهاز حماية المستهلك، أن الجهاز قدم نصائح إلى المستهلكين لمواجهة الإعلانات المضللة وطرق الإبلاغ عن المسابقات التجارية، موضحًا أن الإعلان الخادع هو الذي يتضمن عرضًا أو بيانًا أو ادعاء كاذبًا حول طبيعة السلعة أو الخدمة المعلن عنها؛ مما يؤدي إلى تكوين انطباع غير حقيقي لدى المستهلك ووقوعه في خلط يدفعه إلى الشراء.

وقال "أيمن"  إنه طبقا للمادة رقم 9 من قانون حماية المستهلك، يلتزم المورد أو المعلن بتجنب أي سلوك خادع، وذلك متى انصب هذا السلوك على طبيعة السلعة أو صفاتها الجوهرية أو العناصر التي تتكون منها أو كميتها، ومصدر السلعة أو وزنها أو حجمها أو طريقة صنعها أو تاريخ إنتاجها أو تاريخ صلاحيتها أو شروط استعمالها أو محاذيره، وخصائص المنتج والنتائج المتوقعة من استخدامه، وسعره،  ويدخل في ذلك أي مبالغ يتم إضافتها إلى السعر، وعلى وجه الخصوص قيمة الضرائب المضافة، وجهة إنتاج السلعة أو تقديم الخدمة، وشروط التعاقد وإجراءاته، وخدمة ما بعد البيع والضمان، مع وجود تخفيضات على السعر على خلاف الحقيقة، والكميات المتاحة من المنتجات، وكذلك الجوائز أو الشهادات أو علامات الجودة التي حصل عليها المنتج أو السلعة أو الخدمة.

وذكر عمرو محمد، محامي، أنه شهدت الأيام الماضية تحركا برلمانيًا بشأن ارتفاع أسعار السلع، ولكن على الرغم من محاولات الدولة السيطرة على الأسعار وترحيب المواطنين بمبادرة تخفيض أسعار السلع، إلا أن المسؤولين بالغرف التجارية أعلنوا عن عدم التزام بعض التجار، وأن قانون العقوبات يتضمن مواد تشرح عقوبة رفع الأسعار أو احتكار السلع، من خلال المادة 345، والتي تنص على أن "الأشخاص الذين تسببوا في علو أو انحطاط أسعار غلال أو بضائع أو بونات أو سندات مالية معدة للتداول عن القيمة المقررة لها في المعاملات التجارية بنشرهم عمداً بين الناس أخباراً أو إعلانات مزورة أو مفتراه أو بإعطائهم للبائع ثمناً أزيد مما طلبه، أو بأي طريقة احتيالية أخرى، يعاقبون بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط".

وتابع "عمرو" أن المادة 43 من القانون تنص أنه يحق لجهاز حماية المستهلك تلقي جميع الشكاوى والبلاغات بأنواعها في مجال حماية المستهلكين والتحقيق فيها، ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تتجاوز مليوني جنيه أو ما يعادل قيمة البضاعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، وكل من يحتكر سلعة ويمتنع عن طرحها للبيع، وذلك وفقًا المادة 71 من القانون، خاتمًا أنه يجب على خبراء الدولة وضع تسعيرة إجبارية يلتزم بها كل التجار سواء جملة أو موزعين، تماشيًا مع سياسة الدولة في ضبط الأسعار وعدم استغلال حاجة الناس.

إرسال تعليق

أحدث أقدم