شباب يروون لـ"طيف" عن هجرتهم غير الشرعية

وزير القوى العاملة: نصدر الكوادر المصرية لمواجهة تلك الظاهرة.. وتوجد مشروعات لتدريبهم واتفاقيات دولية

 طبيب نفسي: البطالة تسبب مشاكل جسدية ونفسية.. أبرزها القلب والاكتئاب

باحث اقتصادي: تدني المعيشة سببًا.. وحرب غزة ضاعفت الأزمة

يوسف: "السعودية" وجهة للشباب المهاجر.. ومدحت: نهاجر هربًا من الفقر

كتب: إسلام أحمد

بات العامل الاقتصادي هو أبرز العوامل التي تدفع المصريين إلى الهجرة بالخارج، وتبدو الظاهرة في ازدياد خلال الأعوام القليلة الماضية، فتعود بين الحين والآخر إلى تصدر عناوين الأخبار خاصةً عند ورود أخبار عن غرق القوارب التي تحمل مئات الشباب وهي في طريقها بحرًا إلى سواحل أوروبا، أو مع اشتعال الأزمات كوجود آلاف العالقين على حدود الدول الأوروبية في الطقس البارد الذي يصل إلى حد التجمد، ولذلك فنحن معنيون هنا بالتساؤل عن دافع هجرتهم رغم قسوة ومخاطر الرحلة.

امتهن محمد يوسف، مهنة نجار مسلح، يبلغ من العمر 24 عامًا، واصفًا أن المهنة أصبحت لا تدر ما يكفي لإعالة أسرته التي تقطن في منطقة "الزرقا" بمحافظة دمياط، وأصبح من الصعب العثور على فرصة عمل مناسبة، خلال ما تشهده البلاد من ارتفاع في التضخم إلى مستويات قياسية، وما ترتب عليه من انخفاض قيمة العملة؛ فقررت الهجرة إلى السعودية؛ ذلك البلد الغني المنتج للنفط، والتي هي وجهة مفضلة للعمل لكثير من المهاجرين الشباب.

نتيجة مواجهة الشباب تحديات كبيرة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، حتى آلت أحوالهم إلى الهجرة للعمل بالخارج تحت وطأة عدم كفاية دخولهم، وأن فرص العمل المتاحة لا تمكنهم مع مرور الوقت من تحقيق طموحهم في بلدهم، مع عدم توافر عقود عمل؛ لذلك تتجه نسبة كبيرة منهم إلى العمل بالخارج؛ سعيًا وراء تحقيق أحلامهم، بتأسيس أسرة جديدة وما يتطلبه ذلك من نفقات؛ لشراء وحدة سكنية وتحمل أعباء تكاليف الزواج وخلافه، وهو ما فعله، مصطفى مجدي، عامل مصري بالمملكة العربية السعودية.

وأضاف "مجدي"، أنه مضى على تخرجه 3 أعوام وبحث كثيرًا عن وظيفة توفر له الحد الأدنى من مصروفاته، لافتًا إلى أنه لم يترك أي شركة تهتم بمجاله إلا وقدم على وظيفة بها، إلا أنه لم يُوفق في العثور على وظيفة مناسبة، مردفًا أنه عمل في إحدى شركات الاستيراد والتصدير عندما كان بمصر؛ لتوفير احتياجاته المعيشية، غير أن مرتبه الشهري لم يعد يغطي احتياجاته اليومية، معلقًا ارتفعت أسعار العديد من المواد الغذائية الأساسية في حين يشكو كثير من المصريين من تراجع مستوى معيشتهم في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية؛ لذلك اعتزمت على السفر خارج البلاد عندما سنحت لي الفرصة.

ونتيجة لصعوبة أن يحصل الشاب على فرصة عمل بعد انتهائه من التعليم، ولهذا يجد نفسه مدفوعًا إلى الهجرة، رغبةً في التغلب على الظروف الصعبة والهروب من الفقر، وبدء حياة جديدة قد توفر له الحق في العيش الكريم، بحكم ما يواجهه في سوق العمل بمصر، مثل عدم وجود فرص للتدريب والترقي أو انخفاض الأجور، فهاجر محمود مدحت، أحد العاملين بدولة الكويت، لافتًا إلى أن المشكلات الاقتصادية تدفع المزيد من الأفراد للقيام بهذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر، فعادة ما يكون إيجاد وظيفة مباشرة بعد التخرج من الجامعة أمرًا صعبًا؛ لذلك يحرص الخريجون الجدد على السفر إلى الخارج للبحث عن العمل؛ سعيًا منهم إلى تحسين الظروف المعيشية وتأمين الحد الأدنى من الحياة الكريمة لهم ولأفراد عائلتهم.

المسئولون يردون على هجرة الشباب

كشف الدكتور حسن شحاته، وزير القوى العاملة، عن جهود وزارة العمل في تنفيذ خطة الدولة المصرية بمواجهة الهجرة غير الشرعية وتصدير الكوادر والعمالة المصرية المدربة للخارج، وذلك بإطلاق مشروع "مهني 30" بالتعاون مع القطاع الخاص؛ لتدريب مليون مُتدرب، على المهن التي يحتاجها سوق العمل في الداخل والخارج، وكذلك افتتاح وحدة "توجيه ما قبل المُغادرة"؛ لتوعية المصريين الراغبين في العمل بالخارج بحقوقهم وواجباتهم، بالإضافة إلى تدشين قاعدة بيانات عن أعداد الشباب الراغب في السفر للعمل بالخارج؛ بهدف إرسال عمالة ماهرة يحتاجها سوق العمل الخارجي، إلى جانب توقيع اتفاقيات وبروتوكولات مع مؤسسات وبلدان عربية وأجنبية.

وأفاد الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، أن العاطلين عن العمل يقع عليهم الكثير من الأعباء النفسية السلبية؛ حيث تتسبب البطالة في رفع نسب الأمراض لديهم كأمراض القلب التاجية، وتزيد من المشاكل النفسية كالاكتئاب والأرق والقلق، وربما تدفعهم لإيذاء أنفسهم أو حتى الانتحار، ناصحًا أولئك الذين يعانون من البطالة بأن يعملوا ولو تطوعًا؛ لأن العمل يساعدهم على المحافظة على صحتهم النفسية والبدنية، بدلًا من الاستسلام إلى حالة السكون التي تؤثر بالسلب على قدراتهم النفسية والعقلية.

وأوضح مازن أرشيد، الباحث في الشؤون الاقتصادية، أن سبب هجرة الناس إلى الخارج هما عاملان؛ البطالة وتدني مستويات الدخل، مشيرًا إلى أن حرب إسرائيل على قطاع غزة الواقع على الحدود الشمالية الشرقية لمصر، أضافت أعباءً على قطاع السياحة وعائدات قناة السويس والاقتصاد المصري عامةً؛ حيث تراجعت إيرادات الممر الملاحي بنسبة تراوحت بين 40% و50%، طبقًا لما أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال مؤتمر مصر الدولي للبترول لعام 2024، كما أدت جائحة كورونا إلى تراجع عائدات مصر من قطاع السياحة بنسبة أكثر من 66%؛ بسبب قيود السفر خلال عامي الجائحة، كما أدت الحرب في أوكرانيا إلى زيادة عزوف المستثمرين عن المخاطرة؛ مما دفعهم للابتعاد عن الاستثمار بالأسواق المصرية، مفسرًا أن تلك المشكلات فاقمت من الأزمة الاقتصادية، ودفعت الكثير من الشباب إلى الهجرة للعمل بالخارج.

 


 

إرسال تعليق

أحدث أقدم