ما بين التخريف والموت.. أبرز مصاعب المسنين بعد سن الستين

 "الزهايمر" يصيب النساء بنسبة أكبر عن الرجال.. وقراءة الصحف والكلمات المتقاطعة وسيلة للعلاج

خبير نفسي: 1 من كل 6 مسنين يعاني الاكتئاب نتيجة التقاعد عن العمل

كتب: رحمة سعيد، مريم جهاد، عبد الرحمن أحمد، عبد الرحمن محمود

يصفه الأطباء بأنه "مش محسوس"، توصيفًا لما يتضمنه جسده من أمراض خفية، وهو ليس على دراية بها؛ ليتعايش معها في حالة جهل تمامًا، عاجزًا عن القيام بمهام يومه الطبيعية، فيشعر بالخزي كلما كِبَر سنه، معتقدًا أنه "العادي"، متجاهلًا هو ومن حوله حقيقة تعبه، فما أبرز تلك الأمراض غير الملحوظة بين المعمرين؟. 

"بيخرف"!

مُتخبط، تائه، مُرتعش، فارغ الذاكرة، لا يستطيع ممارسة حياته الطبيعية، هكذا وصف الطبيب أحمد أبو الحسن، استشاري المخ والأعصاب، مريض الخرف، واصفًا الخرف بأنه اضطراب إدراكي عصبي، وتدهور بطيء وتدريجي في الوظائف الذهنية، بما فيها الذاكرة والتفكير، ويحدث الخرف عادة عند الأشخاص بداية من سن 65 عامًا فيما فوق، مضيفًا أن أبرز أعراضه السلوك التخريبي؛ وذلك ما يجعل  أكثر من 50% من المرضى يقيمون في دُور رعاية المسنين، نافيًا بأنه جزء من الشيخوخةِ الطبيعية، وإنما اضطراب عصبي يواجه المصابين به صعوبة في القيام بالمهام اليومية وتولِّي الأمور المالية، منوهًا بأعراضه؛ كضعف الذاكرة، ومشاكل في استخدام اللغة، وتغيرات في الشخصية والتوهان، والسلوك التخريبي، ومشاكل النوم، ومشاكل المشي.

 قالت مي فوزي، أخصائي المخ والأعصاب، إن علاج الخرف يَكمن في الحفاظ على الوظيفة الذهنية لأطول فترة ممكنة، وتقديم الدعم للشخص المريض، مؤكدًة ضرورة توفير بيئة آمنةً، كوضع لافتات كبيرة؛ تنبيهًا لسلامة مريض الخرف مثل "تذكر إيقاف تشغيل الفرن"، وتوفير بيئة مألوفة، فلا يُفضل إعادة ترتيب الأثاث أو حتى إعادة الطلاء؛ حيث يؤدي الروتين المنتظم للاستحمام والأكل والنوم والنشاطات الأخرى إلى حُصول المصابين بالخرف على شعورٍ بالاستقرار، مضيفةً أن المراحل الأخيرة من مرض "الباركنسون"، أهم أسباب الإصابة بالخرف. 

رعشة تسبب هلاوس 

وعن كيفية التعامل مع مريض الباركنسون، نوهت أسرة محمد عزب 83 عامًا، مريض "باركنسون" منذ حوالي 10 أعوام، أنها تتعامل معه بشكل طبيعي؛ حتى لا يشعر بالعجز، مع تسهيل احتياجاته الضرورية دون أن يشعر بذلك كترتيب الملابس والطعام وغيره، إضافةً إلى ترقبه الشديد خاصًة في حالة ظهور أعراض أخرى، فضلًا عن التركيز على حالته النفسية، وإبعاده عن الحزن أو الغضب؛ لأن الدواء يؤثر عليه سلبيًا، مع اتباع نظام غذائي صحي - رغم رفض المريض- وقايةً من أمراض أخرى، مشيدةً بتلقيه العلاج وزيارة الطبيب فضلًا عن استقرار حالته نسبيًا.

أوضح أشرف العسيلي، استشاري جراحة المخ والأعصاب، أن الباركنسون -شلل الرعاش- مرض يظهر عادة على كبار السن خاصًة بعد سن الـ60 في شكل رعشة اليد تعوق المريض على القيام بمهامه اليومية العادية، أبسطها الإمساك بكوب الماء، والكتابة، مضيفًا أن أبرز أعراضه الرعشة البسيطة في اليد الواحدة ثم تنقل تدريجيًا لليد الأخرى وتزداد مع التحرك، فضلًا عن عدم القدرة على المشي بشكل جيد وقد يصل إلى عدم استطاعته المشي مطلقًا، فتقتصر حركته بالزحف على الأرض، وفي المراحل المتقدمة من الـ"باركنسون" يصاب المسن بتغير في حاسة الشم مع اضطراب النوم وانخفاض مستوى الصوت لديه ووصولًا إلى الهلاوس البصرية؛ ما يؤدي ذلك إلى اكتئاب وحالة نفسية سيئة.

 وذكر استشاري جراحة المخ والأعصاب، أن سبب مرض الباركنسون هو وجود الخلايا العقدية، المسؤولة عن إفراز هرمون الدوبامين، في المادة السوداء بالفص الأوسط من المخ، موضحًا أن المخ يعطي إشارة للعضلات بطريقتين إما بواسطة إشارات كهربائية عن طريق توصيل الأعصاب، أو إشارات عن طريق إفراز مواد كيميائية معينة، مثل الدوبامين فيتم إفراز ٧٠٪ من دوبامين الجسم، وتموت الخلايا العقدية في المخ ويقل الدوبامين، مشيرًا إلى أن سبب موت الخلايا غير معروف. 

عد تنازلي للوفاة

أوضحت ليلى كمال، أن والدتها تبلغ من العمر 76 عامًا، وأصيبت بالمرض الزهايمر منذ حوالي 4 أعوام؛ عندما أقدمت على ضرب حفيدها الأصغر بعنف بينما كان يلعب بجوارها كالمعتاد، فاصطحبتها للطبيب وشخصها على أنها حالة زهايمر بالمرحلة الثانية، متابعةً أنها رفضت إرسالها إلى دار المسنين؛ لأنها تخشى الابتعاد عنها، فقامت بجلب جليسة؛ لتساعدها في المنزل، مكملةً عدم قدرتها على المشي أو الأكل والشراب بمفردها، وأنها تحكي لها حياتها السابقة؛ أملًا بتذكيرها أي شيء مما مضى، قائلةً "بعيط بشدة لما متعرفنيش"، منهيةً حديثها أنها تزال رافضة إدخالها الدار فتعتقد أنها ستتخلى عنها إن قامت بذلك.

داء الزهايمر هو ضعف تدريجي للوظيفة الذهنية، وفقدان الخلايا العصبية، وتراكم بروتين غير طبيعي يسمى "النشواني بيتا"، كما أوضح وائل عزت، استشاري مخ واعصاب بالقصر العيني، مشيرًا إلى أنه نوع من الخرف؛ حيث أثبتت الأبحاث أن ما يتراوح بين 60 إلى 80% من مرضى الخرف يعانون من داء الزهايمر، مضيفًا أن الزهايمر يصيب النساء أكثر من الرجال؛ لأنهن يعشن لفترات أطول مقارنة بالرجال، وعادةً تحدث الوفاة بعد 7 سنوات من التشخيص، مكملًا أن هناك تدابير تساعد على الوقاية من داء الزهايمر، كالحفاظ على النشاط الذهني، والاستمرار في ممارسة النشاطات التي تنطوي على تحدي للعقل، مثل حل الكلمات المتقاطعة وقراءة الصحف، وممارسة تمارين تساعد الدماغَ على الأداء بشكل أفضل، وضبط ضغط الدَّم؛ فقد يؤدي ضغط الدم المرتفع إلى ضرر في الأوعية الدموية التي تنقل الدم إلى الدماغ، ومن ثم إلى التقليل من كمية الأكسجين التي تصل إليه، وربما إلى خلل في التواصل بين الخلايا العصبية.

اكتئاب أم خرف

أوضح وليد هندي، طبيب نفسي، أن الاكتئاب يصيب نحو 1 من كل 6 أشخاص من كبار السن، وأن للاكتئاب عند كبار السن أسباب، كفقدان شيء ما، مثل وفاة شخص عزيز أو خسارة بيئة مألوفة، مرجحًا أن سبب الاكتئاب الأقوى هو التقاعد عن العمل والدخل المنخفض، أو الفقدان التدريجي للقدرة على الأداء من دون مساعدة الآخرين أو العزلة الاجتماعيّة، لافتًا إلى أن أعراض الاكتئاب ملحوظة بشكل أقل عند كبار السن؛ لأن التفاعل الاجتماعي لديهم قليل مقارنةً بالمراهقين؛ نتيجة التقاعد عن العمل.

وأكد «هندي»، تشابه أعراض الاكتئاب والخرف، مثل التفكير البطيء، وضعف التركيز، والتخليط الذهني، وصعوبة التذكر، للأطباء التفرقة بين الاكتئاب والخرف، كاشفًا عن الاعتقاد السلبي الأكثر شيوعًا عند أسرة مرضى الاكتئاب من كبار السن بأنه أمر متوقع مع تقدمهم في العمر، مشددًا على أسرتهم والمحيطين بههم ضرورة العناية والاهتمام بهم؛ ليشعروا بأنهم ذوو قيمة بينهم، وبالتالي تفادي الاكتئاب.


إرسال تعليق

أحدث أقدم