أصل حكاية "فلسطين عربية".. بعيون باكية وقلب ثابت.. الشعب يروي مأساته

 

الاحتلال يفجر غضبه من طوفان الأقصى بتعذيب الأسرى.. والشعب صامد حتى التحرير

أطفال غزة: "نحن شهداء وفداء للوطن".. وجنود الاحتلال تستهدف المدنيين بالقنص في الهدن

"أنيس غنيمة": "فقدت أكثر من 300 من معارفي".. و"عمرو صالح": "أطفالنا كبروا قبل أوانهم"

كتبت: مرام أحمد، شهد أحمد، رحمة سعيد، فارس طارق

أرض الأديان يغتصبها الاحتلال الغاشم ولا أحد يسمع صراخ الشعب المسكين، تعدى الاحتلال الصهيوني كل القوانين، ممارسًا أفظع الجرائم، قائمًا بالإبادة الجماعية لشعب كامل ؛صغير وكبير لا يهم النوع والسبب، شعبًا ليس بيده حيلة، وتباين موقف العرب البعض ساند والآخر صم بكم عمي، ولكن إلى متى؟.

إسرائيل تنتقم من الأسرى والمدنيين

قالت فاطمة أبو شلال، أسيرة فلسطينية محررة، إنه تم اعتقالها وجعلوها تجلس في أرض السيارة بلا مقعد ولا شيء، ذاهبين بها أولًا إلى مركز التحقيق وكان إداريًا، وهو اعتقال بدون تهمة لمدة ٦ شهور وتُجدد، وتم ضربها والاعتداء عليها لفظيًا وجسديًا، والطعام داخل السجون غير آدمي، وعند بدأت أحداث طوفان الأقصى سحبوا منهم جميع الطعام، وقطعوا المياه وكل سُبل الحياة وحرموهم من الاستحمام لمدة ١٠ أيام، وتم ضربهم بالعصى ضربًا مبرحًا وصل إلى حد الإغماء، ورشوهم بالغاز، وتم عزلهم في الغرف عن بعضهم وأصبح هناك زيادة في عدد الأسيرات، فكانت فاطمة في غرفة تتسع لثلاث أسيرات، لكنها كانت تحوي ١١ أسيرة.

تابعت "فاطمة" أنه بعد مرور عشرة أيام كانوا يضطرون لترك الطعام للفتيات المراهقات لحاجة جسمهم إليه، ولم يكن الإسرائيليين يراعون أي مرض عضوي، ولم تخرج أي واحدة بدون مرض، وأما هي فخرجت بترسبات في الكلى، ولكن كانوا في السجن عون لبعض فالكبيرة صارت أمًا للصغيرة، والأحوال في فلسطين الآن سيئة جداً، كمنعهم من الذهاب للأقصى، مدمرين المخيمات، منهية حديثها قائلة "ولكننا صامدون حتى تتحرر فلسطين بأكملها من النهر إلى البحر".

وأفادت مريم عمر صاحبه العشرين عامًا، فلسطينية الجنسية، أن المواقف الصعبة التي يمر بها الفلسطينيون كثيرة، منها أنه وقت القصف عليهم ينقطع الإنترنت فيصعب التواصل بينهم وبين بعض، ولا يستطيعون الاطمئنان على أهلهم، وعندما يصلهم تهديدات بأن أماكنهم خطر وسيتم القصف عليها؛ فيخرجون من بيوتهم ولا يعرفون إلى أين يذهبون مضطرين إلى المبيت في خيم النازحين، مواجهين البرد الشديد والمطر والجوع، بالإضافة إلى أن المساعدات التي تُقدّم إلى غزة لا تصل إليهم وإذا وصلت تكون غير صالحة للاستهلاك ولا يوجد مساعدات طبية نهائيًا.

وروت صاحبة الجنسية الفلسطينية أنه حتى نزلة البرد لا يستطيعون التخلص منها لقلة الإمكانيات والمساعدات، ويظهر استغلال الناس في البيع بزيادة سعر المنتج لعدم توافره بشكل كبير، وتعرضت خالة مريم إلى قصف بيتها في خان يونس، وكان بيت عائلة مكون من 27 شخص من بينهم 10 أطفال، ولم ينجُ منهم إلا جدة كبيرة في السن، وتحول الباقي إلى أشلاء فقط وعندما ذهب أحد أقرابهم بعد فتره لنفس البيت والبحث عن أهله تم قصفه فورًا.

وقالت ريم محمد فاروق، شابة فلسطينية من غزة، عمرها 23 عامًا، إن الأطفال في غزة مستوعبة الحرب بشكل كبير جدًا، وعلى الرغم من ذلك هم من يصبرون أهلهم وبهم قوة ربانية تلهمهم الصبر، ومنهم أطفال عندما تتحدث معهم ريم يتحدثون على أن أرواحهم فداء لوطنهم ولا يهمهم عدد الموتى، قائلين "أنهم شهداء بإذن الله"، وعلى الجانب الآخر تحاول الأمهات تصبير أولادهم وأهلهم وخدمتهم من طعام وشراب وخدمات صحية إذا أصيب أحدهم، مختتمة باعتزازهم أنهم أبطال بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

رغم الألم.. الصحفيون يتابعون تأدية رسالتهم

أفاد أنيس غنيمة، صحفي فلسطيني، أن في الساعات الأولى لبدء المعركة، في السادسة صباحًا، قائلًا "كغيري من الجيران، لم نكن نفهم ما الذي يجري، وبالتالي لم يجرؤ أحدٌ منّا على الخروج من بيته لاستطلاع الأمر، بدا الأمر أشبه بأنه لن يتوقف، السماء فقط ممتلئة بالصواريخ، ولساعتين على ما أذكر كنّا نظنّ أنها صواريخ قادمة إلينا، لا صواريخ موجهة نحو الأرض المحتلة،  ثم بعد أن توالت الأخبار، بدأت الصورة تتضح شيئًا فشيئًا حتى ذهلنا، ربما أكثر من المحتلّين أنفسهم، لم يكن الأمر متعلّقًا بتوقّع الضرر، كنّا نعرف أنه قادمٌ لا محالة، لكن أن يكون بهذه الصورة المدمرة؟ لا أظن أن خيال أحدٍ منا كان يمكن أن يتصور هذا، نحن نعرف الاحتلال ونحن أدرى بوحشيته، وفي كل مرّة كان يمارس إجرامه كنّا نصل إلى مرحلة رعب عالية، تتوقف قلوب أناس كثيرون بسبب هذا، لكنها أيام للموت والقهر والدمار والخسارات، أيام للخذلان والعار والضعف والخنوع، أيام لأن نعرف ونؤمن بأننا وحدنا".

تابع "غنيمة" أنه في اليوم الأوّل للحرب، استقبل نبأ استشهاد ابن عمّ له، قائلًا "كان الأمر محزنًا؛ لأنّنا لم نعرف كيف نودّعه اذ كنّا خارج المنطقة، وبعد يومين استشهد ابن عمّ آخر في قصف غادر لمقرّ الدفاع المدنيّ بمدينة غزة، عرفنا بعد أيام من دفنه، واستشهدت طفلتان أيضًا لأحد أقاربنا في منطقة الزيتون في قصف على بيت العائلة، سمعنا من الأخبار عنهما فقط؛ لأنّنا لم نستطع الاتّصال بأحد بعد قطع الاتّصالات، ثم توالت الأخبار بعد خروجنا وتنقلنا إلى أماكن عديدة مع استمرار ضعف شبكة الاتصالات، لنكتشف مصادفة أن عددًا لا بأس به قد قتلته نيران الاحتلال وقصفه المتواصل، فمثلاً في اليوم الأول للهدنة، لديّ أقارب لم يخرجوا من شمال غزّة، وعند سماعهم بالهدنة خرجوا إلى الشارع بقصد الوصول إلى بيوتهم، أحدهم قنصه جندي في رقبته وقتله على الفور، والآخر أصيب في قدمه، لا أعرف العدد المؤكد لأقاربي الذين قتلوا، هناك العديد منهم من انقطعت أخبارهم منذ حوالي شهر، وهناك من هو مخطوف أو جريح لا نعرف مصيره، مع استمرار الحرب ورجوع الإنترنت لبرهة نعرف المزيد منهم حتى وصل عددهم إلى أكثر من 300 من جيراني، ورغم ذلك خرجت لمواصلة عملي بعدها".

قال عمرو صالح، 29 عامًا، صحفي فلسطيني، "كنا في بيتنا في وسط قطاع غزة، وتم إلقاء منشورات علينا بإخلاء المنطقة والنزوح إلى الجنوب، لكن رفضنا ترك البيت وقلنا الحامي رب العالمين، حتى الساعة 11:30 ليلًا أصبح الليل نهارًا من هول الصواريخ"، ويطلق عليها "أحزمة نارية"، وهى عدة صواريخ على نفس المربع الهدف منها إبادته بأكمله، مكملًا أنهم كانوا 28 شخصًا أسفل المنزل يصبرون أنسهم بالدعاء وقراءة القرآن، محاولين الاتصال بالدفاع المدني والإسعاف ولكن بلا فائدة؛ لوقوعهم داخل المنطقة الحمراء، وهى منطقة القصف، وكان يوجد حريق أمامهم منعهم من الخروج وظلوا تحت الردم حتى الساعة 2 فجرًا، وتم إنقاذهم مع وجود إصابات طفيفة، نازحين إلى الجنوب، تاركين كل ما يمتلكون وراء ظهورهم.

أضاف "عمرو" أن أطفال فلسطين حرموا من أقل شيء في حقوقهم، وهو الأمان، ضاربًا مثال بطفل عمره سنتين يقول "صاروخ"، "قصفوا بيتنا"، معلقًا بحزن "أطفالنا كبروا قبل أوانهم"، وأن أطفالهم عاشوا ظروف صعب على الكبار تتحملها، منهيًا حواره أنه رغم ذلك يعلمونهم أن يحمدوا الله، وأنهم في رباط إلى يوم الدين، وأن يدفعوا عن بلدهم ولا يتركوها لو مهما صار.

الصهيونية تضرب القانون بعرض الحائط

قال جهاد الحرازين، قيادي بحركة "فتح" بفلسطين، إن ما يجري الآن فيما يتعلق بالصراع القائم والحرب التي يشنها الاحتلال على الشعب الفلسطيني سواء في الضفة الغربية أو غزة تتمثل في حرب عدوانية وحرب إبادة على الشعب الفلسطيني ضمن آثار المخطط الإسرائيلي على مدار ١١٢ يوم عملت على القضاء على كافة أشكال الحياة داخل فلسطين؛ من خلال استهداف كافة المقومات التي يمكن أن تجعل المكان قابل للحياة، وهذا الأمر أدى إلى حدوث كوارث كبرى على الشعب الفلسطيني في النزوح والتهجير التي كانت من الشمال إلى الوسط وإلى الجنوب،  وهناك حرب تجويع شنها الاحتلال على الفلسطينيين بشكل كامل، مما أدى إلى حدوث كارثة صحية بسبب اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي.

تابع "جهاد" أن قرارات محكمة العدل الدولية، التي طالبت بإيقاف الإبادة الجماعية، ومنع قتل المدنيين، وإدخال المساعدات بشكل سريع، وتقديم تقارير عن مدى التزام الاحتلال بها واحترام القوانين الدولية، هي البداية نحو الطريق الصحيح  لبداية محاسبة دولة الاحتلال، خاصة بعد فشل محاولات دولة الاحتلال في الاعتراض على هذه القرارات، وهي أمور مُلزمة، وليست شكلية، وأن دولة الاحتلال تعتبر نفسها فوق القانون الدولي، ولكنها اليوم أصبحت تحت غطاء القانون الدولي، لمثولها أمام محكمة العدل الدولية، وهي المرة الأولى التي تُتهم فيها إسرائيل وُتجلب للمحكمة، مما يساهم في تعزيز القانون الدولي الإنساني ومنع حالة التطاول على القانون.

أكمل قيادي حركة فتح، أنه بالنسبة إلى جهود الدول العربية في حل الأزمة الفلسطينية هناك جهد سياسي كبير يُقدم من الدول العربية خاصة مصر والأردن، فهم يقدمون الدعم السياسي والدبلوماسي والإغاثي لمساندة الشعب الفلسطيني، أما بالنسبة لما يحدث في الضفة الغربية والقدس من عمليات هدم للمباني وسرقة الأراضي؛ فهي سياسة إسرائيلية للسيطرة على فلسطين، مضيفًا أنه كل يوم يوجد اقتحامات على المدن وطرد للمزارعين ومحاولة السيطرة على أراضيهم بقوة السلاح، وبعدما فشلت في التهجير القسري لجأت إلى التهجير الطوعي أو الصامت من خلال سحب الهويات من المقدسيين، ومصادرة أملاك الغائبين، ومنع البناء في مناطق (ج)، ومنع ترميم المنازل، والشعب الفلسطيني لن يستجيب لتلك الضغوط؛ لألكونه يتسم دائماً بالصمود والتمسك بأرضه.

وأفاد عبدالحليم قنديل، محلل سياسي مصري، أن الشعب الفلسطيني هو شعب الله المختار فلا يوجد شعب شهد عذاب مثل عذابه ولا يوجد شعب يصمد صمود الشعب الفلسطيني الأسطوري، فاستهداف الأطفال والنساء في فلسطين، ليس إلا أن إسرائيل تخشى  استهداف الأقوياء ففي كل المعارك التي دخلتها إسرائيل مع الفلسطينيين تم هزيمة إسرائيل، متابعًا أنه لا توجد حضارة في مطلق التاريخ الإنساني عبر آلاف السنين أكثر وحشية من الحضارة الغربية الحالية فخلال خمسة قرون وأكثر مضى الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية تقتل مئات الملايين من الناس.





إرسال تعليق

أحدث أقدم