كتبت:
مرام أحمد، تسنيم حسين
تصوير:
شهد أحمد
عيون
وقلوب كلها أسى من الاستعمار الذي ارتكب أبشع جرائمه، في يوم 8 إبريل سنة 1970 ذكرى
مأساوية عاشها الشعب المصري، في العاشرة من صباح يوم الأربعاء، حين أقدمت إسرائيل
بدم بارد وقتلت ثلاثين طفلًا دفعة واحدة بمدرسة بحر البقر الابتدائية المشتركة
التي تقع بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية.
ضمن
مسلسل مجازر إجرامية لا تنتهي، قامت طائرات الفانتوم الإسرائيلية بقصف مدرسة
الصغار بخمس قنابل وصاروخين فاستشهد نحو ثلاثين طفلًا، وأصيب أكثر من خمسين طفلًا
بجروح وإصابات بالغة وأصبحت مجزرة بحر البقر من الحوادث الأليمة التي يتذكرها
الشعب المصري دائمًا، فحتى بعد مرور السنوات لم تجف الدموع وإن جفت الدماء.
وإيمانًا
بمقولة "من بين الحطام سيبعث نور العلم من جديد"، تم إعادة بناء مدرسة
بحر البقر وسُميت بمدرسة شهداء بحر البقر، وتم تخصيص متحف بداخل المدرسة يحتوي على
ملابس وكتب ولعب الأطفال الذين استشهدوا تكريمًا لهم وإحياءً للذكرى الأليمة حتى
لا ننسى.
نبيلة
علي والدة الشهيد ممدوح حسني صادق، أحد ضحايا الحادثة الحزينة والتي كانت جالسة
تخبز لأطفالها العيش، فهي أم لخمس أطفال، وعندما سمعت صوت الطائرات والقصف
الإسرائيلي أخذت أطفالها الاثنين في أحضانها لتطمئنهم حتى دق باب بيتها لتسمع أسوء
خبر يقع على مسمعها، وهو استشهاد ابنها الصغير.
هرولت
نبيلة مسرعة إلى المدرسة لترى ابنها لأخر مرة، ولكن هذه المرة كان شكله مختلف فكان
نصف رأسة مكسور والدماء تغطيه من جميع النواحي، ورغم ذلك أنها مازالت تتذكره بملامحه
الجميلة وبشرته السمراء وضحكته الحلوة، فذهب ممدوح وترك بداخلها حب وألم وأمل.
راوية
تفاصيل هذا اليوم، في الثامنة صباحًا كانت تخبز لأولادها بعض الشطائر ليذهبوا بها
إلى مدرستهم وأخبرها ممدوح أنه يريد أيضًا، فقالت له أنه مدرسته قريبة من البيت
وإخوتك مدرستهم بقرية أخرى؛ لذا إذهب إلى مدرستك الآن وعندما تأتي تأكل هنا، فذهب
ممدوح حزينًا قائلًا إنه لن يأتي، وهو ما حدث بالفعل فكانت هذه أخر كلمات طفلها
الصغير.
نعتت
نبيلة هذا اليوم ب" اليوم الملعون" فبعد مرور أكثر من 50 عامًا، مازالت
نبيلة تتذكره بكافة تفاصيله، كما أنها مازالت تذهب إلى المدرسة لتتذكر ابنها
الصغير وتقرأ له الفاتحة وتزور المتحف بداخل المدرسة لترى أخر ما تبقى من صغيرها
ممدوح، فكم تمنت أن تنسى ما رأته، وكم تمنت أن يكون طفلها مازال موجودًا على قيد
الحياة.



