طبيب ولكن.. مرضى يصفون لـ"طيف" بشائع الأخطاء الطبية

حسام: الطبيب كاد أن ينهي حياتي.. وطلبت مبلغ مالي مقابل صمتي

حنان: قبلت التعويض نظرًا لعدم جدوى الإجراءات القانونية

أطباء الأسنان تتجاهل إجراءات السلامة.. وأخرى تكسر ضرس سليم أثناء الخلع

مستشار قانوني: يمنع حبس الطبيب إلا بصدور تقريرًا عن هيئة المسئولية الطبية

محامي جنائي: الحبس والغرامة عند وفاة مريض الإهمال الطبي

كتبت نورا علاء، سلوى صلاح، ندى سمير

ذهابك إلى المستشفى لا يعني شفاؤك، ففي بعض الأوقات قد تخرج حاملًا لأمراض أخرى، أخطاء طبية قد تنهي حياة المريض، رغم اختيار المستشفيات الخاصة باعتبارها الأفضل رعاية وخدمة إلا أنها بشهادة المرضى أكثرهم أخطاء.

أصيبت حنان مصباح، 42 عامًا، بحصوات في المرارة، واضطرت للذهاب إلى مستشفى خاصة في محافظة بنها، وأجرت عملية استئصال للمرارة، لتشعر بعدها بألم شديد في المعدة وبدأت تظهر عليها أعراض إرهاق شديد حتى بعد مرور فترة من تاريخ إجراء العملية كافية لتتعافى منها، وعند إجراء فحوصات اكتشفت نسيان الطبيب لفوطة وقطعة معدنية داخل بطنها، متابعة أنها ذهبت وحررت محضرًا في القسم، وطلب الطبيب مقابلتهم وعرض عليهم أن يتكفل بالعلاج كاملًا مع تقديم مبلغ مالي ضخم كتعويض بقيمة 50 ألف جنيهًا، وذلك حتى لا تتضرر سمعة المستشفى، مختتمة أنها قبلت التعويض لأنها أدركت أن الإجراءات القانونية ستأخذ وقتًا فضلًا عن أتعاب المحاماة، قائلة "إنها بلا فائدة".

عانت رحاب عبدالكريم، 37 عامًا، من ألم شديد أسفل البطن، وذهبت إلى مستشفى م.م في الجيزة، وقام الطبيب بإجراء سونار، مؤكدًا وجود التهاب في الزائدة الدودية، وأخبرها أنها تحتاج إلى إجراء عملية جراحية لاستئصالها، وبالفعل تم حجزها بشكل مفاجئ وقامت بدفع مبلغ مالي كبير، لتكتشف بعدها أن الألم مستمر، وذهبت إلى عيادة خاصة وقامت بإجراء سونار وتحاليل لتكتشف أن هذا الألم نتيجة التهابات في القولون، وليست الزائدة.

وتابعت "رحاب" أنها عندما ذهبت للطبيب أكد وجود التهابات في الزائدة، برغم أنها لم تكن تستدعي إجراء عملية حسب رأي طبيب أخر، وعندما علمت بضخامة أتعاب المحاماة وأن التعويض المالي سيكون ضئيل، إضافة إلى أن تلك الإجراءات القانونية تتطلب وقتًا وجهدًا كبيرًا قررت أنه لا حاجة للقضية، قائلة "العوض عند ربنا احنا غلابة هنعمل ايه".

ذهب حسام مصطفى، 36 عامًا، إلى طبيب في إحدى العيادات الخاصة بمنطقة روض الفرج ليقوم بإجراء فحص نهائي لإزالة المرارة، وتم تحديد موعد العملية، وبعد فترة كان الألم يزداد بشدة وذهب وأجرى فحوصات لدى نفس الطبيب أكثر من مرة، وكل مرة يؤكد له الطبيب أنها فقط التهابات نتيجة العملية وعدم الانتظام على الدواء، ويقوم بكتابة أدوية أخرى جديدة، حتى قرر الذهاب إلى طبيب أخر، واكتشف أن لديه خراج على وشك الانفجار، والذي فور حدوثه سيسبب تسمم بالدم والوفاة، وذلك نتيجة نسيان الطبيب لقطعة معدنية بداخله.

أكمل "حسام" أنه لم يفكر في الإجراءات القانونية، واختار الذهاب إلى الطبيب وتهديده أنه سيرفع عليه قضية، وفضلًا عن هذا سيرسل له "بلطجية" لضربه ولن يتمكن من اتهامه لعدم وجود دليل أن "حسام" من أرسلهم له، وقام بمساومته على مبلغ مالي قدره 30 ألف جنيهًا مقابل صمته وحتى يحمي الطبيب وأسرته من شره.

ذهبت سهيلة محمود، 23 عامًا، إلى طبيبة أسنان بمستشفى في منطقة فيصل، لمعاناتها من آلام في ضرسها وطلبت من الطبيبة خلعه، وأثناء الخلع قامت الطبيبة بكسر السن المجاور له، إضافة إلى جروح في اللثة شديدة، وعندما واجهت الطبيبة ردت عليها أن هذا خطأ وارد وليس متعمد، وأنه نتيجة أن "سهيلة" لم تفتح فمها جيدًا، ودار شجار بينهما، ولكن لم تتخذ "سهيلة" أيه إجراءات أخرى ضد الطبيبة.

يتردد كريم فؤاد، 28 عامًا، على العديد من أطباء الأسنان ولكن يوجد الكثير من الإهمال في المستشفيات الصغيرة والعيادات، فيجد التراب متراكمًا، فضلًا عن أنه وجد صرصور بجانب عبوة خافض اللسان، وذلك في أحد مستشفيات منطقة بولاق الدكرور، كما أن الطبيب لا يوجد لديه قفازات ويقوم بالتدخين داخل غرفة الكشف، معلقًا أن الطبيب طلب منه الانتظار حتى ينتهي من السيجارة، فانتظر حتى النهاية لعله يقوم بإجراءات السلامة والتعقيم، ليقترب منه الطبيب دون وجود كمامة، ويمنعه "كريم" من بدء الكشف وغادر العيادة.

القانون يتصدى للأطباء

تباينت وجهات النظر حول مسؤولية الأطباء عن أخطائهم أثناء ممارستهم للمهنة، كما أوضحه محمود القباني، مستشار قانوني، فهناك جانب إلى الإعفاء المطلق للأطباء من المسؤولية الجنائية؛ لأن الطبيب يحمل شهادة تثبت كفاءته في هذا الميدان، وفضلًا عن أنه لا يستطيع أن يبدع في مجال الطب إلا إذا منح إعفاء وحرية تامة في العمل دون الشعور بأنه مراقب، ولكن سرعان ما قل العمل بهذه النظرية على أساس أنها تحمي الطبيب الجاهل وتعطي غطاءً شرعيًا لأعماله، والاتجاه الأخر يرفض الإعفاء المطلق للطبيب بمسؤوليته باتجاه أخطائهم؛ وذلك لأن النصوص الجنائية جاءت عامة، فلم تفرق بين المخاطبين بها، مضيفًا أن اشتراط الشهادة العلمية لممارسة هذه المهنة هي حمايه حقوق المواطنين، وهناك أصول علمية متفق عليها بين الأطباء يعد الإخلال بها مستوجبًا للعقاب وتتوافر مسؤولية الطبيب في الحصول على موافقة المريض أو من يمثله قانونًا أنهم موافقون على المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها المريض أثناء العملية.

وأضاف "القباني" أنه ينصح المريض بالتأني في قراءة هذا الإقرار، أما عند الانتهاء من إجراء العملية وحدث خطا طبي فالإجراءات التي يجب أن يقوم بها المتضرر أو المسؤول عنه أن يقدم شكوى في نقابة الأطباء، ويتقدم مباشرة ببلاغ في القسم ثم يحال إلى النيابة ومنها إلى المحكمة لتنظر ما إذا كان هناك خطأ طبي بالفعل من عدمه من خلال الطب الشرعي، ففي حال ثبوت وجود خطأ بالفعل تقود العقوبة من أسبوع لثلاث سنوات، فقانون المسؤولية الطبية يمنع حبس الطبيب إلا بعد أن تصدر هيئة المسؤولية الطبية تقريرًا يؤكد مسؤولية الطبيب عن الخطأ.

على صعيد آخر قال عصام أيمن، المحامي الجنائي، إنه من الوارد حدوث خطأ طبي قد يصل إلى عاهة مستديمة أو الوفاة، فتكون مسؤولية الطبيب في هذه الحالة إما عمدية ولها ثلاث حالات، أولها أن يكون مارس العمل الطبي بدون امتلاكه ترخيص، والحالة الثانية أن يكون هدفه من التدخل الجراحي ليس علاج المريض، ولكن يطبق عليه تجربة علمية أو يتواطأ معه لإحداث إصابة تعفيه من الخدمة العسكرية، والحالة الثالثة أن يعمل بدون رضا المريض، لذا يحرص الطبيب على أخذ الموافقة  على إجراء العملية وخاصة في العمليات المتوقع أن يكون لها مضاعفات أو من النوع الخطير، انما في بعض الحالات يضطر الطبيب لإجراء العملية دون الحصول على موافقة، إذا كان المريض في حالة إغماء أو في حادثة او لديه نزيف، فمن الضروري أن يسرع ولا مجال للحصول على أية موافقة.

وتابع المحامي الجنائي، أن النوع الثاني مسؤوليه غير عمدية؛ وهي إما قتل خطأ، أو إصابة مع امتلاك ترخيص بمزاولة المهنة وحصل على موافقة المريض وكان تدخل بغرض العلاج مع إتباعه الأصول العلمية والمهنية، والمحكمة هي التي تقيس ذلك في ضوء ظروف وملابسات الواقعة، وهنا الطبيب معفي من المسؤولية لوجود قوة قاهرة أو ظرف طارق ليس للطبيب ذنب فيه، ومدى مسؤولية الطبيب تستعين فيها المحكمة بالطب الشرعي لتحديد هذا، وعندما يثبت الإهمال الطبي تأخذ الإجراءات الجنائية المطلوبة، وتختلف العقوبة من حالة لأخرى ففي حالة جرح المريض يحبس الطبيب سنة وغرامة 200 جنيه، أو يعاقب بإحدى العقوبتين، وفي حالة إحداث عاهة مستديمة يكون حبس سنتين وغرامه 300 جنيه، وفي الوفاة حبس لا يقل عن سنة ولا يزيد عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تزيد عن 500 جنيه، ولكي يثبت المحامي الإهمال يجب عليه أن يثبت وجود ضرر بالفعل ووجود ما يثبت أن هذا المريض قام بإجراء عملية لدى هذا الطبيب بالفعل، ووجود علاقة سببية.

 

            
             

                                        


إرسال تعليق

أحدث أقدم