من رحم المعاناة.. كيف يواجه المصريون الأزمة الاقتصادية؟

 

استبدلوا الفضة بالذهب.. وسلكوا طريق الندم

القطبي: الحبس المؤقت عقوبة الهجرة غير الشرعية

خبيرة أسرية: التغاضي يقوي العلاقات

كتبت تسنيم حسين، فاطمة رضا، نورا علاء

دفعت قيود الأزمة الاقتصادية المصريون إلى طرق عديدة في التعامل معها، فمنهم من اتجه إلى التعاون، والبعض الآخر قرر الفرار إلى بلد اعتقد أنه مصان بها، لتقابله رحلة جمعت بين مختلف ألوان العناء من غربة وقلق وموت، فإلى أين انتهت السبل بهم.

ما بين مؤيد ومعارض.. استبدال الفضة بالذهب

قرر كل من سما محمد 25 عامًا، ومحمد فاروق 26 عامًا، من الشرقية، استبدال الشبكة الفضة بالذهب منذ عامين، وذلك لتخفيف من عبء ومصاريف الزواج، حيث قاما بشراء 40 جرام فضة مطلي بماء الذهب بسعر 1800 جنيه، وكل منهما أنهم شعرا بالارتياح عند إقدامهم على ذلك القرار لما خفف قليلًا من مصاريف الزواج.

وقالت عزة سعد، 45 عامًا، إنها اشترت شبكة ابنتها التي تدرس بالمرحلة الإعدادية، لتقوم بالتوفير على زوجها المستقبلي، وأنها فضلت المساعدة على أن تتعقد أمور ابنتها، خاصة أن الزواج أصبح صعبًا مع ارتفاع كلفة التجهيزات خاصة الأجهزة الكهربائية، وقامت باختيار شبكة من الفضة، مضيفة أنها تعتبرها هدية لابنتها، وإذا طلب خطيبها في المستقبل شراء شبكة أخرى فله كامل الحرية.

الهجرة غير الشرعية طريق موت آخره الندم

هاجر مصطفى.ك، 24 عامًا، إلى إيطاليا عن طريق البحر مرورًا بليبيا بطريقة غير شرعية، وتم الاحتيال عليه بأكثر من طريقة استغلالًا للأوضاع من بداية هجرته إلى نقطة وصوله، بجانب سوء المعاملة وقلة التغذية التي تعرض إليها على مدار 70 يومًا حتى وصوله إلى إيطاليا، مضيفًا أنه ندم عما قام به من هجرة غير شرعية، وأنه كان من الواجب أن يتقدم بطلب للسفر التقليدي الجوي الآمن تحت رعاية الدولة، ذاكرًا أن سبب هجرة توفير المال لأسرته، ولكنه أنفق أضعاف مما كان سينفقه إذا سافر جويًا، وعند وصوله سرقت جميع أمواله، وعثر على فرصة عمل بصعوبة، حيث ظلت أسرته شهرين كاملين دون أي مال وعاشوا على الاستدانة، ولم يتواصل معهم إلا عندما توفر له عمل وروى لهم عما حدث.

ولعى غرار مصطفى سلك مدحت.م، 32 عامًا، في عام 2021، طريق الهجرة بعد فقدان عمله وتراكم الديون عليه، وطالبه الناس بسدادها، إضافة إلى فصل أبنائه الثلاث من المدرسة ورفع قضايا لتحصيل المصروفات الدراسية، مما أضطره إلى الهجرة غير الشرعية بعد فقدان أمله في العثور على وظيفة، مؤكدًا محاولته في الحصول على قرض، ولكه رفض، وأتفق مع إحدى عصابات الهجرة غير الشرعية، وبدأ رحلته في عبور ليبيا ومن ثم إلى البحر، وتركهم المرشد في وسط الطريق، وظلوا أيامًا في البحر ومات منهم عدد كبير، حتى وصلوا إلى إيطاليا.

القانون يحد من الهجرة غير الشرعية

وذكر أحمد القطبي، مستشارًا قانونيًا، أن عقوبة الهجرة غير الشرعية، أن الشخص المهاجر بطريقة غير شرعية يتم القبض عليه ثم إخلاء سبيله عن طريق النيابة العامة بدفع غرامة مالية، أما الشخص الذي يقوم بممارسة ذلك بإتاحة الفرصة للمهاجرين للسفر بطريقة غير شرعية يتم اعتباره متهمًا، فإذا كان شريكًا في إدارة الجماعة الإجرامية تصل عقوبته للسجن المؤقت من 3 إلى 15 سنة، بالإضافة إلى غرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه، وينظر لها في محاكم الجنايات ويختلف الحكم باختلاف عدد الأشخاص، فإذا قام بتسهيل هجرة عدد أكثر من 10 أشخاص أو أقل، وتواجد نساء وأطفال أم لا، ونسبة تعرضهم للخطر.

وتابع "القطبي" أنه استمرارًا لجهود مجابهة الهجرة غير المشروعة، كلف الرئيس عبد الفتاح السيسي في عام 2019 وزارة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بالتنسيق مع الجهات المعنية المصرية، بإطلاق مبادرة "مراكب النجاة" للتوعية بمخاطر الهجرة غير المشروعة على الشواطئ المصدرة للهجرة، واستهدفت المبادرة حينها تحقيق حياة كريمة للمواطن المصري، والحفاظ على حياته من أخطار الهجرة غير المشروعة، والتوعية بمخاطر الهجرة لطلاب المدارس والجامعات.

وأضاف حسين بركة، محامي بالنقض، أن الهجرة غير الشرعية أصبحت أكثر خطورة نتيجة تأمين الدول لحدودها، وأنها تؤثر على البلد المهاجر لها سلبًا، فضلًا أن الأفراد المهاجرون بطريقة غير شرعية لا يحصلون على أية حقوق، لأنه لا يوجد له أية بيانات لدى الجهات الرسمية، ولا تتمكن أسرته من استلام جثمانه حالة الوفاة.

الدين يجيب

أوضح محمود الهواري، الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، أن الزواج قائم على المشاركة بين الطرفين، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم "أقلهن مهرًا أكثرهن بركة"، فالمهر هدية من الزوج يجب عدم المغالاة فيه، وكذلك الشبكة فهي ليست إلزامًا، وهذا لا يعني تنازلًا من المرأة عن حقوقها؛ لأن القانون والشريعة الإسلامية كفلت للمرأة كافة حقوقها، ولكن هو عون على الحياة وكرم من المرأة.

الوضع الاقتصادي سببًا للإبداع

وحذر مجدي نعيم، عضو شعبة تجار المجوهرات بالإسكندرية، الشباب من فكرة استبدال الشبكة الفضة بالذهب، ذاكرًا أنه فخ كبير يقع به العرسان، حيث يظن البعض أن الاتجاه إلى شراء الفضة بدلا من الذهب مكسب، ولكن في الحقيقة أنه خسارة كبيرة؛ لأن بيع جرام الفضة سيؤدي إلى إنقاص ثمنه إلى النصف، بينما الذهب فهو احتفاظ للمال لفترة زمنية طويلة، فعند بيعه لا يقل منه غير ثمن المصنعية، وكذلك تزداد قيمته بمرور الوقت.

خبيرة علاقات أسرية ترد

وذكرت ياسمين ياقوت، مستشارة العلاقات الأسرية، أن الزواج ما هو إلا اتفاق بين طرفين، فإذا اتفقا الطرفين على إتمام الزواج بأقل التكاليف فهو قرارهما، ولكن هناك فرق كبير بين المرونة والتنازل، فالمرونة تعتبر تغاضي بوعي عن بعض الأساسيات بهدف تحقيق هدف أكبر وهو الزواج، مضيفة أنها تعتبر الشبكة عبارة عن هدية خاصة بين الزوج وزوجته، فمن الممكن أن تتغاضى الزوجة عن بعض الشكليات مثل مظهر المنزل والأثاث والأفراح الكبيرة وغيرها، ولكن فكرة الشبكة تكمن في إعلاء قيمة المرأة وتكون مهداه من الرجل لزوجته معبرًا بها عن تقديره وحبه لها، مؤكدة أهمية تلك الأفعال في تقوية العلاقات الزوجية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم