يبكون دمًا.. الأطفال أهداف حرب

 

خبراء استراتيجيين: لغة القوة تسود ولا مكان للقانون الدولي

"ولاء بهيج" فلسطيني "ابني جوعان وخايف يموت يا عالم".. وأخرى "قتلوا ابني أمامي"

"تيسير حسين" سودانية: جندوا الأولاد الصغار ووضعوهم في مقدمة الصفوف.. والاغتصاب لم يستثن القاصرات

"حسناء علي" عراقية: الشرطة تعتقل الأطفال بتهم الإرهاب

"لؤي كرم" سوري:  أطفالنا كبروا من المعاناة

كتبت نورا علاء ومرام أحمد ورنا عماد

"أعطوهم طفولتهم"، هكذا عبر الأهالي ألمًا على أولادهم من مختلف أنحاء الوطن العربي في حديثهم مع فريق "طيف"، ليست جميع القضايا تنشر وتحظى باهتمام دولي، هناك عرب تنهتك حقول أطفالهم ولا حراك من اغتصاب للأطفال بداية من عمر الأربع سنوات، والتجنيد القصري والاعتقالات والقتل، وفوق هذا لم يرحموا من ألم الجوع والتشريد، وما نراه جزء من الحقيقة، وما خفي أعظم.

فلسطين.. لم يكفيهم حرمانه من طفولته فحرموه من الحياة

أوضح براء معين، أن الأطفال يتعرضون للقصف والقنص، بل أن بعضهم دهستهم الدبابات، وما جد ولا يدريه العالم أن جيش الاحتلال يخطفون الأطفال بكثرة، ولا أحد يعلم نواياهم، متوقعًا أنه خاصة إذا كانوا رضع مع دخولهم مستشفيات عدة، أنهم سيربونهم على أنهم صهاينة ويجندوهم في الجيش ويفقدوهم هويتهم الأصلية، أو لتجارة الأعضاء، وقد تكون مساومة أو وسيلة ضغط على حركة حماس، مضيفًا أن الأمر تجاوز الأطفال الأحياء، وأنهم يسرقون الجثث كبارًا وصغارًا وبالتأكيد غرضهم إثارة غضب الغزاوية، وتجارة الأعضاء خاصة حديثي الموت، مضيفًا أن هناك أطفال لا نعلهم عنهم شيء، وأطفال قصفوا ولم نجد أشلاهم وهناك من وجدوا له إصبع!.

وأكمل براء، أن جرائم الاحتلال ليست وقت اندلاع الحرب فقط، وما قامت الدراما والعالم بتغافله أو تشويهه هو "أطفال النطف"، حيث يقوم الاحتلال بزج الرجال في السجن خاصة المتزوجين لمنعهم من الإنجاب والسيطرة على نسل الفلسطينيين أمام الصهاينة، وقامت الأهالي خلال الزيارات بتهريب نطف الرجال بطرق غير متوقعة مثل أكياس المقرمشات، وتذهب الزوجة للطبيب وتتمكن من الإنجاب، والاحتلال رفض الاعتراف بابنة جاره، رافضًا الإفصاح عن اسمها واسم والديها، منهيًا حواره "هؤلاء أطفال خارج حدود البشر" ذلك لعدم تسجيلهم، مما يحرمهم حق التعليم أو العلاج.

وروت فاطمة عبدالله، فلسطينية، أنه في يوم 25 من أكتوبر قامت القوات بقصف منزلها، بعد أن تم قصف بيت عائلتها قبلها بيومين، قائلة "انقطعت الاتصالات فقط نحن وصوت القصف، كنت أخذ عيالي بضمهم خايفه تكون آخر مرة أشوفهم"، مكملة أنها علمتهم قراءة القرآن كلما سمعوا صوت القصف، وأن المبيت في الشوارع دون دار يحمي أو يبعث شعور الأمان صعب على طفل صغير، معبرة "قتلوا ابني أمامي، ابني الوحيد"، وزاد ألم فاطمة خاصة أنها لم تنجب لمدة خمس سنوات بعد زواجها، حتى أتى "عمر"، أو كما وصفته "درة عمري وروح فؤادي"، وغفت عين عمر ولم يصحو يوم 6 نوفمبر، مضيفة "الله ستر ما كنا في الدار ولكن لم يكفيهم"، حزن فاطمة كان ينجلي بين الحين والآخر؛ لأنها رأت آلام أمهات كثيرة ويوجد أطفال قتلت عائلاتهم وصاروا هم أمهاتهم.

وقد تواصل فريق "طيف" مع فلسطينيين أخرين، ولكن لم يكمل الحوار معهم إما تعرضوا للقصف وقتلوا أو انقطعت شبكة الإنترنت لديهم، وهذا بعض ما قالوه، رغد مسعود "أيدينا تعبت من الغسل، ولا طعام آدمي متوفر"، مكملة أن هناك سيدات حامل قلقين من الولادة لعدم وجود طبيب، ونقص الغذاء جعل الأمهات يتركن الطعام للصغار، مما أثر على الأمهات المرضعات بصفة خاصة، أما حسن عزالله قال جملة واحدة "نحن الآن نقصف"، وأحلام لم تتمكن من الإجابة وأول وأخر رسالة تلقيناها كانت "وعليكم السلام، نعم أنا فلسطينية قتلت عائلتها"، ولاء بهيج "التجار يجوعون الأطفال، إنهم مجرمين مثل الاحتلال، طفلي جوعان وخايف يموت يا عالم".

السودان يبكي

عبرت تيسير حسين، سودانية 18 عامًا، عن ما رأته من أهوال منذ اندلاع الحرب، قائلة "نحن في قرية اعتقد أنها خارج الصراع، أي الصراع على المدن المهمة التي تمكنك من الحكم، فما دخل قرية صغيرة لن تؤثر في الصراع سوى أفرادًا تجردوا من بشريتهم"، فقد دخل جنود الدعم السريع القرية، التي كانت مليئة بالخيرات، ومن كان يرفض دخوله منزله يقتله، يكفي أهلها طيبين ويحبوا السودان، سرقوا المال، وأخذوا الصبية، ووضعوهم في مقدمة الصفوف، أما الرجال كانوا أقل حيلة من النساء، عار لاحقهم وألم غلبهم، اغتصبوا النساء والفتيات الصغار، مضيفة كانت هناك فتاة في قريتهم بعمر 9 أعوام اغتصبوها حتى الموت، وكثير غيرها لم يعلموا عنهم شيئًا، أخذتهم عائلاتهم ورحلوا خجلًا من الناس.

قال عزيز كرم، سوداني 29 عامًا، إن السودان لا يصل صوته للعالم أوصلوه، وأن الدفاع عن حق رسالة لا يحملها سوى النبلاء، أطفال السودان فقدوا طفولتهم، قتلوهم، وإن لم يقتلوهم بالسلاح قتلوا عائلاتهم وتركوهم للشوارع، لقد تربى في خيرات بلدنا وحشًا، أول ما كبر قرر ينهش أبناء وطنه، قائلًا "فليتسارع القادة واتركوا الأطفال يفرحوا ويعيشوا"، معبرًا بأسى عن انتحار الكثير من أبناء جيرانه، "لم يكتب الله لي الإنجاب وكنت أسعى له، أما الآن فالحمد لله أتمنى فقد أن تأتيني المنية، ادعوا للسودان، ادعوا لأطفال غزة، وسوريا، أطفال العالم العربي يئن والساسة صم، أطفال العرب ينزفون دمًا والعالم أعمى، أطفال عرفوا قصصهم والأكثر مستتر ولازال العالم بكم عاجز".

"الشرطة اعتقلوا أولادنا"

أما العراق لم ينجُ أطفاله، وصرحت حسناء علي، عراقية 45 عامًا، أن الشرطة العراقية كثيرًا ما تقبض على الأطفال بتهم تنظيم دولة إسلامية وتهم إرهابية، ويأخذون الأطفال وبعدها يختفون ولا يصل إليهم أيًا من أخبارهم، وسمعت عن الكثير من جيرانها يروون ما حدث لهم، متسائلة إذا كانت الشرطة تفعل هذا فإلى فمن سيشكون؟، فضلًا عن العمليات الإجرامية ممن وصفتهم "بمختلين" يقومون بخطف الأطفال واغتصابهم، ويقومون بإجبارهم على بيع المخدرات.

صوت الطفل السوري

قال لؤي كرم، سوري، 45عامًا، إن ما يرونه يحدث لأطفال غزة والسودان بقية الوطن العربي هذا فقط ما يصل إلينا، وما يدور خلف الأنظار أكثر فظاعة، مضيفًا أن جوع وتشرد الحيوان في الدول الأوروبية أكثر أهمية من قتل طفل عربي، لا أحد يسمع شكوى الشعب السوري، قائلًا إن الكبار بإمكانهم التحمل، ولكن ماذا عن الطفل الصغير؟، متسائلًا عن حقوقه البسيطة في الأمان والطعام والشراب، وكلما كانت القضية أقدم كلما تنساها العالم، وزادت معها بشاعة الجرائم المرتكبة لتواريها عن أنظار الإعلام.

فقط قانون القوة ولا مكان للقوانين الدولية

قال السيد الجابري، محلل سياسي وخبير استراتيجي مصري، أن ليس صحيح استهداف الأطفال عمديًا في الحروب؛ فالحروب تستهدف جميع المدنيين سواء أطفال أو نساء أو رجال، والقانون الدولي يجرم الإبادة الجماعية للمدنيين جميعًا وليس الأطفال فقط، وعندما يكون هناك طغاة فيكون القانون السائد هو قانون القوة، مردفًا أن جميع الأطفال الناجين من الحروب تم حرمانهم من التعليم والرعاية الصحية والماء النظيف والأكل، فمن الطبيعي أن يصبح الطفل غير سوي نفسيًا بل يصبح قنبلة أخرى ضد المجتمع الذي تغاضى عنه وسبب له هذه الكارثة، لتصبح هي المحرك الأساسي له للانتقام، ومن الصعب جدًا حماية الأطفال أثناء الحرب حتى قوة القوانين الدولية لم تكف لحماية هؤلاء الأطفال من هذا الصراع.

أوضح هاني الجمل، محلل سياسي فلسطيني، أن دائمًا في أي حرب يستهدفون الأطفال لأنهم الحلقة الأصعب في أي صراع سواء كان صراع حروب بين دول أو صراعات داخلية في الدولة، ويأتي استهداف الأطفال من خلال نوعين إما استهداف مباشر من خلال استهداف المدارس أو مصادر المياه أو مصادر المساعدات الإنسانية واستهداف المستشفيات والمخيمات أو تجنيد الأطفال ضمن جماعات مسلحة أو إجبارهم من خلال الممارسات الجنسية، متابعًا أن الحقوق المنصوص عليها في القانون الدولي للأطفال هي أولًا أن للطفل الحق في الحصول على الرعاية الصحية كاملة، ثانيًا أن يحصل على اسم وشهادة ميلاد وجنسية ثابتة، وتعليم جيد لأعلى مستوى وأهم ما نص عليه هو حماية الطفل أثناء الصراع، ولكن من المؤسف عدم اهتمام دول العالم الثالث بحقوق الأطفال الذي صب أيضًا على عدم اهتمامهم بحقوق الإنسان في المطلق.

وتابع الجمل حول تأثر الطفل جسديًا ونفسيًا بالحروب، وخاصة بعد الاعتداءات الجنسية التي يتعرضون لها، وللأسف تواجد الأطفال في المستشفيات والمخيمات والمدارس أثناء الحرب هي بؤرة واضحة جدًا لاستهداف الطفل، فمن الصعب جدًا حماية الأطفال أثناء هذا الصراع، ولكن إذا تم السماح لمنظمات مثل منظمات الصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر المصري أن تكون متواجدة ولها معسكرات خاصة لحماية الأطفال، وهي الطريقة الأفضل لحماية الأطفال، مثلما حدث في غزة، ولكن ما نشاهده الآن في غزة هو استهداف مقصود للأطفال و النساء؛ لأنهم منعوا حتى دخول المساعدات الإنسانية.

صرح خالد حمادة، خبير عسكري لبناني، أن دائمًا تكون لغة القوة هي الحل لأي صراع واللغة الغالبة مثلما شاهدنا الصراع بين روسيا وأوكرانيا والصراع في ملمار بين الصين والمسلمين والصراع بين الهند وباكستان، ولم يكن يوجد أي حل متوازن لإيقاف هذا الصراع، وما شاهدناه من قرارات محكمة العدل الدولية عبارة عن توصيات، وبالتالي تستطيع الدولة الأقوى عدم تطبيقها؛ وبالتالي يستمر الصراع على حساب الطفل.

إرسال تعليق

أحدث أقدم