بيوت
لا تعرف تحضيرات رمضان.. والمساعدات المالية والمواد الغذائية تنقذهم
خصم
أسبوع يودي بحياة "صلاح"
كتب:
مريم جهاد، رحمة سعيد، عبد الرحمن محمود، عبد الرحمن أحمد
الأزمات
تُظهر معادن الناس، فمنهم من يقف بجانبك ومنهم من يقضي عليك تمامًا، والأزمة
الاقتصادية في مصر استغلها معظم التجار أسوأ استغلال، وفي بعد تام عن الرحمة
والإنسانية وأصبح التاجر واضعًا للسعر حسب هواه، وباتت الأسواق تمشي برغبة البائع
بدون رقابة ودون أناة ورأفة بالفقير، مما زاد من حدة المشكلة وأدى إلى تدهور
الطبقة المتوسطة وطحن الطبقة الفقيرة، فزادت معاناة فوق معاناتهم.
السيدة
التي غلبت معاناتها صِغر سنها، شريفة مصطفى ذات ال26 عامًا، حارسة عقار، بعيون
منكسرة تملؤها الدموع المنهمرة، كونها أم لثلاثة أطفال وزوجها لا يعمل وهي من تدير
شؤون العقار، فظروف المعيشة سيئة للغاية فهي أحيانًا لا تسطيع تلبية احتياجات
أسرتها، وأن ما تتحصل عليه 1000 جنيه شهريًا، وأحيانًا يأتي لها عمل إضافي ويجب
عليها الذهاب رغم التعب، ورفضت "شريفة" إشراك أبنائها بالعمل لزيادة
الدخل، لأنها ترى التعليم له أهمية أكبر، قائلة "مش عاوزاهم يبقوا زيي"،
وبمناسبة دخول الشهر الكريم، فلم تتمكن من الإعداد له مثلما يفعل بقية الناس لعدم
قدرتها نتيجة غلاء الأسعار، مختتمة حديثها أنها عملت في عدة وظائف مثل مزارع في
المنيا، وكانت تبدأ من الفجر حتى غروب الشمس للحصول على مبالغ رمزية.
وبنفس
راضية لـ "شيماء صبحي"، 27 عامًا حارسة عقار ولديها 3 بنات، أنه رغم
غلاء المعيشة إلا أن هناك مساعدات مالية من سكان المنطقة تعينهم على مصاعب الحياة،
ولا يوجد عمل أخر إلا حراسة العقار، إضافة إلى أن زوجها لا يعمل، وهي معارضة لفكرة
عمل بناتها معها، لأنهم من الأرياف وعاداتهم لا تسمح لهم بذلك، وعليهم سترة البنات
بألا تعمل وتخرج من بيت أبيها إلى بيت زوجها، أما عن التجهيز لرمضان فكانت الأسعار
حارمه لهم حتى من أساسيات الحياة.
ربيع
الفيومي 40 عامًا، أحد العمال الجالسين على أرصفة الشوارع منتظرين أي باب يرزقهم
بالمال، متزوج ولديه ٤ أطفال، وبعيون منكسرة حزينة وملامح مجعدة غلبت عليها التعب
والإرهاق، أوضح أن حياته بعد غلاء الأسعار أصبحت في قمة السوء، فمصاريف أبنائه الأربعة
ما بين المدارس والدروس والطعام وغيره لا يوجد مال يكفيها، مُضيفًا "ما باليد
حيلة"، ويوجد أيام تنتهى بدون جمع جنيهًا واحدًا، وأنه لا يمانع بعمل أطفاله
فذلك يعود عليهم وعليه بالنفع.
سعد
هاشم درويش، عمره 60 عامًا، عامل يومية "شيال"، أب لثلاثة أبناء متزوجين
واثنين بالمدرسة، قال إن يوميته 50 جنيهًا وأوقات قليلة 100جنيهًا، وأوقات لا
يتحصل على شيء، قائلًا "ماشيين بالعافية يوم ناكل ويوم لأ"، مضيفًا أنه
يدفع ثمن دروس أولاده بالتقسيط إلى المدرسين، ومعظم طعامهم بعد ارتفاع الاسعار
يقتصر على الفول والطعمية فقط، وفي رمضان سيعتمد على "شنط رمضان" التي
يوزعها البعض، ذاكرًا إحجاب البعض عن الحديث نظرًا للسياسة العليا للمكان الذي
يعملون به، قائلًا "ممنوعين من الكلام وإلا هيقطعوا عيشنا".
قلة الحيلة أتبعها الموت
تلقى
قسم شرطة الطالبية في السابع والعشرين من فبراير بلاغ بوجود شخص مشنوق داخل شقته
بمنطقة الحوامدية، مما أثار العديد من التساؤلات حول تفاصيل الحادث، فصرح أحد ضباط
القسم لـ"طيف"؛ أن ذلك الشخص يُدعى "صلاح عبد الغني"، بالغ من
العمر 36 عامًا، مسئول الصيانة بأحد المطاعم بالحوامدية، مضيفًا أن "صلاح"
ارتكب خطأ في العمل، مما دفع المدير لخصم أسبوع من راتبه، فأصيب بحالة نفسية سيئة،
فأوضحت تحقيقات النيابة معاناته من حالة اقتصادية صعبة، ووفق تصريحات زوجته "إيمان
أحمد" أن لديهم طفلين بالمدرسة، وكان مُنهكًا من دفع الأقساط المتراكمة عليه،
وبعد الخصم زاد الأمور صعوبة وانعزل في غرفته، مضيفة أنه كان على خلاف دائم مع
إدارة المطعم وهو مصدر رزقه الوحيد.
سُبل النجاة
وتعليقًا
على حالة صلاح وغيره أوضح محمد وهدان، أخصائي التأهيل النفسي وأستاذ علم النفس، أن
الانتحار هو تعمد قتل الإنسان نفسه لعدة أسباب كالمرض النفسي أو الأسباب
الاقتصادية وغيره، وهناك دور للدولة في معالجة المشكلة من جذورها بواسطة القضاء
على الإحباط من خلال السيطرة على العوامل المسببة له كتوفير فرص عمل أو أماكن
توعية كالتنمية البشرية، وذلك يُنير الشخص ويبعده عن أفكاره الانتحارية، علاوة على
ذلك توفير الدعم النفسي بواسطة الخط الساخن للتواصل مع أخصائي في أي وقت ومساعدته
على التجاوز، مبرزًا ضرورة وجود وضع اقتصادي مريح؛ لتنفيذ جزء من الأحلام وتوفير
حياة كريمة بها السبل الأساسية للراحة، وأيضا مراجعة علمية لكل وسائل الإعلام التي
تُظهر الحياة على أنها بسيطة، وذلك ينعكس على الفرد بشعور الفشل، فيزداد الإحباط
الذي بدوره يؤدي لزيادة الرغبة الانتحارية.
احمِ نفسك
أردف
المستشار، أحمد يسين متولي، المحامي بمجلس الدولة، أنه قد واجه القانون تلاعب
التجار بالأسعار رغم فرض عقوبات رادعة عليهم، مثلًا ألزمت المادة رقم 7 من اللائحة
التنفيذية لقانون التجار بإعلان السعر الشامل للسلع بوضع ملصق على العبوة، أو
كتابتها بشكل واضح وسليم عليها.
وأضاف
متولي، أن قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 وضع عقوبات تصل إلى الحبس والغرامة حال
الغش في المعاملات التجارية، حيث نصت المادة
345 على أن "الأشخاص الذين تسببوا في علو أو انحطاط أسعار البضائع عن
القيمة المقررة لها في المعاملات التجارية عمدًا أو بإعطائهم للبائع بثمن أعلى مما
طلبه أو على منع بيعه بثمن أقل من الثمن المتفق عليه فيما بينهم أو بأي طريقة احتيالية
أخرى يعاقبون بالحبس مدة لا تزيد عن سنة وبغرامة خمسمائة ألف جنيه مصري، ويضاعف
الحد الأقصى المقرر للعقوبة إذا حصلت تلك الحيلة فيما يتعلق بسعر اللحوم أو الخبز"،
وهناك خط ساخن لجهاز حماية المستهلك يستقبل البلاغات والشكاوى "19588"،
مضيفًا أنه يوجد قضايا محكوم فيها بالحبس والغرامة بالفعل.
