الموضوعات السياسية مجمدة حتى انتهاء حرب غزة
خبير
اقتصادي: النهوض باقتصاد الدول صعبًا.. وميناء الفاو بالعراق نقلة استراتيجية
الانتخابات
الليبية مسرحية لا يريدها كل الأطراف.. والميليشيات قد تتفكك مع الزمن
أموال اللبنانيين ودائع بالأوراق وغير موجودة في الواقع.. وليبيا ينعدم بها الإنتاج المحلي
العراقيون
يعيشون حالة هلع من التفجيرات والسلب والنهب
كتب: رحمة سعيد، فاطمة رضا،
عبدالرحمن محمود، مريم جهاد
مرت بعض الدول العربية بعدد من
الحروب والثورات التي كانت نقطة فارقة في تاريخها، فبعض الدول استطاعت أن تحقق بعض
التقدم وكأنها تُبعث بعد موت، والبعض الأخر ساءت أحواله وانقسم شعبه وتشرد وقارب
على الإفلاس، فيشغل البعض ما حال العراق بعد مرور عشرين عامًا على غزو أمريكا، وما
حال ليبيا بعد أحداث الربيع العربي وسيطرة الميليشيات على زمام الأمور؟، وما حال
لبنان في الانهيار الاقتصادي والسياسي الذي تمر به وحربها في الجنوب مع إسرائيل؟،
وكانت الإجابة أنهم على مشارف التفكك والسقوط.
استغاثة
مواطن
قال خليل عبود، مواطن عراقي،
36 عامًا، إنهم يعانون من ويلات الحرب بعد ٢٠٠٣، وحروب طائفية وأهلية وحرب تنظيم
داعش التي تسببت بفقر لكثير من العراقيين، والنظام السابق كان يتعامل بدكتاتورية
مع الشعب، ولكن بعد ٢٠٠٣ تحرر المواطن العراقي وتعددت مصادر الدخل وانقسم الشارع
إلى طبقة فقيرة وطبقة ثرية، وأغلب الشباب ضد الطبقة السياسية الحاكمة بسبب غياب
فرص العمل طوال 20 عامًا، مضيفا أن المواطن العراقي يعيش حالة هلع بسبب التفجيرات
والسلب والنهب؛ بسبب وجود داعش في مدن العراق فهناك العشرات من الشيعة والكرد
ذبحوا علي أيدي الجماعات الداعشية، وهذه الحالات تترك أثرها النفسي على المواطن،
ومازالوا يعانون من انقطاع الكهرباء، وهناك أوضاع اقتصادية صعبة.
أوضح عبد الرزاق الدلالي،
مواطن ليبي، 52 عامًا، أن الوضع أصبح اسوء، لا يوجد بنية تحتية، ويوجد مشاكل
كارثية في الطرق والمنشآت، والأسعار مرتفعة بشكل عام، بسبب زيادة الدولار التي
أثرت على السلع المستوردة، ولا يوجد إنتاج محلي، والمرتبات قليلة، وهناك انعدام أمني
فيوجد مليشيات مسلحة في كل مكان، ومن يدفع الثمن هو المواطن.
صرح عزت أبو علي، مواطن
لبناني، 30 عامًا، أن الوضع اللبناني في حالة انهيار، فنرى 120 ألف نازحًا من
مناطق الشريط الحدودي، هذه القرى التي لا تتعدى من ٢ كيلو إلى ٥ كيلو، أهاليها
يعانون مرارة التهجير، لا دعم لا مساعدات، وأغلبية الناس أموالهم موجودة في البنوك
محاصرة، ولا يسمح لأهلها بسحبها، وبالتالي هي ودائع موجودة بالأوراق وغير موجودة
على أرض الواقع، والمواطن اللبناني هو الذي يدفع ثمن هذه الأزمات، وهو الذي يترك
وحيدًا في مواجهة مصيره، في ظل غياب الدعم الخارجي والدعم العربي.
لبنان
بين الشغور السياسي والاقتصاد المنعدم
صرح محمد سعيد، محلل سياسي
لبناني، أنهم في لبنان دخلوا عامهم الثاني من شغور منصب رئاسة الجمهورية، فعمليًا
قضية انتخاب رئيس في لبنان هي قضية خارجة عن إرادة اللبنانيين أو ممثلي الشعب في
البرلمان اللبناني، فهناك العديد من الأسباب أولها الانقسام اللبناني بين الأطراف
اللبنانية، فلا طرف يستطيع تأمين غالبية برلمانية لإيصال الرئيس الذي يريد، والسبب
الأهم أن حزب الله وهو الطرف الأقوى في لبنان ويسعي لإيصال رئيس منه، خاصة أن منصب
الرئاسة في لبنان مميز في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية، فلبنان رئيسها
مسيحي على عكس كل دول الشرق الأوسط.
وتابع "سعيد"، أن الأزمة
ستطول رغم المبادرة الفرنسية والمبادرة القطرية، ولا يعتقد أن الظروف السياسية والأمنية
ليست سانحة، فالدول منشغلة بقضية غزة، والأطراف الداخلية مشغولة بموضوع الحرب، وهناك
خوف من تطور الصراع في جنوب لبنان إلى حرب واسعة وشاملة على لبنان، وهذا مرتبط
بتوقف العدوان على غزة، والأمور في جنوب لبنان لن تعود بسبب التدمير الذي حدث، معتقدًا
أنه في الفترة الحالية وعلى مدى أطول كل المواضيع السياسية ستكون مجمدة حتي انتهاء
حرب غزة، وبالتالي انتهاء الحرب في الجنوب؛ لأن الأمرين مرتبطين ببعضهما البعض.
وصرح خالد عزي، سياسي لبناني، أنهم
يعيشون في أزمة اقتصادية حادة منذ نهاية
عام 2019، حينما بدأت المصارف بالامتناع عن إعطاء الدولارات للمودعين، وأن الأزمة
الاقتصادية خانقة، وتؤثر على لبنان، والعمالة، والقدرة الشرائية للمواطن، وغالبية
موظفي القطاع الخاص، مضيفًا أنهم في لبنان يقبضون بالدولار ويشترون ويبيعون
بالدولار، أما العملة اللبنانية الليرة هي فقط عملة الدولة على الورق، وهذا يؤثر
سلبًا على موظفي القطاع العام في لبنان الذين لايزالون يتقاضون رواتبهم بالليرة،
والسبب الرئيسي لتأقلم اللبنانيين مع الأزمة أن غالبية اللبنانية لديها أبناء
يعملون بالخارج ويرسلون العملة الصعبة.
وتابع "عزي" أن الضغط
الاقتصادي الحقيقي في لبنان هو النزوح السوري، فيتواجد في لبنان حاليًا حوالي 3 مليون
لبناني يقابلهم 3 مليون سوري ونصف مليون فلسطيني، ومشكلة السوريين تخلق ضغطًا هائلًا
على الاقتصاد اللبناني، نتيجة مزاحمة السوريين للبنانيين في سوق العمل وفي الخدمات
الصحية والتربوية والتعليمية، خاصة أن السوريين اليوم في لبنان يتلقون مساعدات
بالدولار الأمريكي من المنظمات الدولية، وأيضًا من جمعيات في لبنان تساعد السوريين
بناء على طلب داعميها في الخارج، حتي بات اللبناني يشعر بأنه يعيش حياة أدني من
السوري.
أوضاع
العراق
صرح أحمد الخضر، محلل سياسي
عراقي، أنه بعد مرور 20 عامًا على الغزو الأمريكي للعراق ساءت الأحوال المجتمعية،
حيث انتشرت الميليشيات، وأصبح هناك تأثير قوي لإيران في العراق نظرًا لسيطرتها على
فصائل وميليشيات عراقية، وعلى المستوى الأمني؛ مازالت العراق تتعرض لاختراقات
أمنية من إيران والميليشيات التابعة لها، وسيطرة الحكومة على مؤسسات الدولة سيطرة
غير كاملة، أما عن القوات الأمريكية المتواجدة هي قوات لوجستية لحماية بعض المصالح
والمنشآت، فالتواجد العسكري الأمريكي الشامل انتهى منذ سنوات.
وأضاف "الخضر" أن العراق
في مرحلة انتقالية يتم العمل فيها على إنشاء مشروع ميناء "الفاو
الكبير"، وهو يصنف بأنه عاشر أكبر ميناء في العالم، ويربط قارة أسيا بأوروبا،
وهذا سيكون له عائد اقتصادي كبير ويجعل العراق مكانًا استراتيجيًا في العالم، أما
جوًا فالعراق يعتبر مهمًا وبرز هذا الدور في الحرب الروسية – الأوكرانية،
فالطائرات تتوقف في العراق وخطوطها الجوية، وتم رصد هذا عبر برامج الطيران، ولو
حسبنا العائدات والأموال والضرائب التي ستدفع للعراق فستكون بالمليارات.
وقال كاروان أنور، محلل سياسي
عراقي، بالنسبة لآفة الفساد إن المشكلة الرئيسية في العراق هي فساد منهجي داخل
المنظمة نفسها ليس خارجها، وتأسس هذا الفساد في عهد الحاكم الأول للعراق الذي
عينته أمريكا "بريمر"، وهو منتشر فيها بشكل مخيف؛ لأنها دولة غنية وتصدر
يوميًا ملايين البراميل من النفط، وعندما ترجع إلى الخزينة العراقية نرى أن
الأموال لا تذهب إلى المكان الصحيح، وتحاول الحكومة القضاء على الفساد، لكن لا
تستطيع بين ليلة وضحاها؛ لأن الدينار العراقي في نزول مستمر أمام الدولار؛ فالدولار
يتم تهريبه سرًا خارج الدولة.
وأضاف "أنور" أن
التدخلات الخارجية في العراق تمثل خطرًا، فهناك تدخلات مباشرة في الشؤون الداخلية،
وحتي السيادة الجوية في العراق ليست سيادة عراقية وإنما هي سيادة تركية وإيرانية،
والمعاهدات المبرمة مع دول الجوار مثل إيران وتركيا هي شيء لا يستهان به، فإيران
لها يد في العراق وتدخلات مباشرة وتركيا تقصف أماكن في العراق دون أن يتم محاسبتها
سياسيًا، وهو ما يهدد العراق أمنيًا.
ليبيا
تحكمها الميليشيات
قال محمد قشوط، محلل سياسي
ليبي، إن الأوضاع تغيرت تغير دراماتيكي، فما حدث في لبيبا لم تكن أحداث طبيعية،
ربما كانت مطالبة بتغيير النظام بشكل سلمي، لكن الأحداث تطورت إلي أن أصبحت أوضاع
حرب ما بين سكان ليبيا بتدخل طرف أجنبي وهو الناتو، من أجل سيطرة طرف دون الآخر،
انتشر السلاح وتفرق الناس، بالتالي الأوضاع تغيرت للأسوأ، فلا يوجد استقرار سياسي
ولا أمني، وحتى العلاقات الاجتماعية علي المستوى الشخصي للأفراد تضررت بشكل كبير،
وتغير الأوضاع يرجع إلى الانفجار الذي وقع سنة 2011 وأثاره السلبية، فغياب الوعي
وتغييب روح الانتماء للوطن إلى جانب تدخل الدول يدفع ثمنه الشعب الليبي حتى يومنا
هذا.
وأضاف "محمد" أن حالة
التغيير السياسي والأمني في ليبيا نتيجة انتشار الميليشيات والسلاح، والأوضاع التي
لم تعد مستقرة، وسيطرة الفساد بالدرجة الأولى، وغياب المتابعة، والشلل التام في
مؤسسات الدولة، هذا الأمر مستمر برغم تدخل سفراء الدول الأجنبية في ليبيا، وحالة
الجمود السياسي التي نعيشها نتيجة حالة محاصرة معلنة أو غير معلنة، كل طرف يسيطر
على جزء من البلاد، وبالتالي أصبح لا يريد أن يتنازل لصالح الأطراف الأخرى،
فالجمود السياسي له علاقة بأنانية الأطراف السياسية التي تسيطر على السلاح ومقاليد
الحكم في العاصمة.
ووافقه الرأي عبد العزيز
أغنية، المحلل السياسي الليبي، قائلًا إن الميليشيات في الدولة اكتسبت صفات شرعية
تحت مسمى وزارة الدفاع وزارة الداخلية، وهي التي تسيطر على المشهد الأمني وعلى
مداخل ومنافذ الدولة، فهي تسيطر بشكل فعلي على الدولة الليبية، ومازال تهديدهم
كبير للأمن الليبي، وبالتالي تهديد للعاصمة طرابلس، معتقدًا أنه لا يوجد حل مثالي
لفك سيطرة هذه الميليشيات علي الدولة، إلا إذا تفككوا مع الوقت تلقائيًا.
وأكد "عبد العزيز" عدم
رغبة جميع الأطراف في ليبيا للانتخابات، واصفًا أنها مسرحية؛ لأنها سوف تأتي بمجلس
نواب جديد وبالتالي مجلس الدولة لن يعد له وجود وكذلك رئيس الحكومة، وبالتالي لا
أعتقد أن الانتخابات ستحدث على الإطلاق؛ لأنها ستضر تلك المصالح المادية من الدرجة
الأولى، من خلال المزايا التي تمنح لهم التي تتصرف بعقود التكليف المباشر، ولا
يوجد أحد من المؤسسات الرقابية يسيطر.
اقتصاد
العرب تحت الضغوطات
أوضح مصطفى بدرة، خبير
اقتصادي، أنه تختلف الدول في الشكل الاقتصادي لها، ولذلك يكون النهوض بالأنشطة
والقطاعات المتعددة ليس هينًا، وكل نشاط له مدى زمنى مختلف لينشط مجددًا؛ ولذلك التأثيرات
من الحروب تضعف الاقتصاد الكلى وينعكس على القطاعات المتنوعة، وتؤثر الحروب على
اقتصادات الدول الكبرى الأوروبية والأمريكية؛ لوجود العديد من الثروات مثل البترول
والغاز والملاحة الدولية بمنطقة الشرق الأوسط، مضيفًا أنه في حالة تمكن الدول
العربية من فرض رأى عربي واقتصادي حول القضايا التي تعرض المصالح العربية للخطر؛ ستنهي العديد من الحروب، مؤكدًا استغلال
التجار للمقاطعة ورفع الأسعار، أما بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي فهي لم تؤثر عليه.

