أسباب الجريمة للطفل متعددة.. ونسبة كبيرة يخرجون من دور الإصلاح ويعودون
مرحلة المراهقة الأكثر خطورة.. والتكنولوجيا أنتجت جرائم جديدة
كتب: رحمة سعيد، مريم جهاد، عبدالرحمن أحمد، عبدالرحمن محمود
قد نسمع عن وجود جرائم كثيرة كالسرقة والقتل، ولكن
وجودها في عالم الأطفال أمر يثير التساؤلات، لضعف البنية وعدم وجود خبرة بعالم
الجريمة، وفي حوار مع هالة رمضان، رئيس المركز القومي للبحوث الجنائية
والاجتماعية، توضح أبرز النقاط المتعلقة بأطفال الأحداث.
1- ما هي العوامل الرئيسية التي تدفع الأطفال لارتكاب الجرائم؟
عوامل ارتكاب الجرائم في سن صغيرة تتعدد وتتشعب،
وتشترك مع أسباب وجود الجرائم في المجتمع ككل، لكنها تتحدد بشكل أكبر في الأسرة
فيما يخص الطفل، فالمشاكل الأسرية وعدم وجود نموذج يحتذي به الطفل هي من الأسباب
الرئيسية، بالإضافة إلى غياب العامل الديني، والطفولة نفسها مراحل، ومن أهم تلك
المراحل هي مرحلتي الطفولة المبكرة والمراهقة، فعند ارتكاب الجريمة في مرحلة
الطفولة المبكرة فمن الوارد وجود عامل الخطأ غير المتعمد من الطفل، أما انخراط
الأطفال في سن المراهقة في أفعال إجرامية تظهر فيه عوامل أخرى أكثر تعقيدًا، مثل المعوقات
الاقتصادية والتأثر بالمضمون الفني العنيف المقدم في التلفزيون ووسائل التواصل
الاجتماعي، التي تؤثر لديه على رغبة المغامرة والشغف التي تقود المراهقين.
2- هل تنحصر عوامل ارتكاب الجريمة عند الأطفال في التنشئة فقط؟
لا، فقد يكون هناك اضطرابات نفسية واستعداد نفسي لديه، فهي اضطرابات ذهنية
وتكون أشد وطأة من العوامل المكتسبة، فيدخل فيها العامل الجيني ويكون صعب جدًا علاجها.
3- ما هو المرجع الأساسي في التعامل مع جرائم الأطفال قانونيًا؟
ترجع كل الإجراءات القانونية فيما يخص التعامل مع
الطفل عموما إلى "قانون الطفل"، وحتى وإن ارتكب الطفل أو المراهق ما قبل
18 عامًا جرم يستدعي احتجازه، فذلك يتم في مؤسسات الرعاية والعقوبات، وليس السجون،
وتكون العقوبات بشكل عام مخففة عن محاكمة البالغين، وفي النهاية تكون كل جريمة على
حسب خطورتها، والجدير بالذكر أن عقوبة الأطفال أقل من 15 عامًا هي أقل من الأطفال
الذين قاربوا على إتمام 18 عامًا.
4- كم نسبة الأطفال الذين خرجوا من السجن وعادوا إليه مرة أخرى؟
وما هي أسباب حدوث ذلك؟
لا توجد لدينا نسب واضحة، ولكن يمكن وصفها بأنها كبيرة
نسبيًا، وتتعدد الأسباب في ذلك، ويمكن إرجاعها لكون مؤسسة الإصلاح لم تنجح في
تقويم سلوكياته المنحرفة، وقد يرجع ذلك لبعد الطفل عن الأهل وعدم اندماجه مع
الأطفال الآخرين، أو اندماجه مع نماذج سيئة داخل الاحتجاز، أو حتى خروج الطفل
لملاقاة نفس الظروف التي هيأت له ارتكاب الجرم، الأسباب تتعدد وكل حالة توجد لها
أسبابها ودوافعها للعودة مرة أخرى، فلا يجوز التعميم.
5- هل تخفيف عقوبات الأطفال هو السبب في خروج بعض الأطفال من السجن
وعودتهم إليه مرة أخرى؟
اعتقد لا، فالعقوبات ليست بالأمر الهين مهما قصرت
مدتها، سواء على الطفل أو أسرته، فلا أعتقد أن السبب هو تخفيف العقوبات؛ لأنها
بالأساس ليست مخففة كما يشاع، ولكن كل جريمة تأخذ الحكم المناسب لها، فالتجربة
بشكل عام تكون ثقيلة على الطفل فكونه تسلب منه حريته وينفصل عن الحياة الطبيعية
يسبب له ضيق شديد.
6- ما هي العقوبات البديلة التي يمكن تطبيقها على الأطفال
المتورطين في الجرائم بدلًا من السجن؟
من وجهة النظر العلمية، ورغم الاحترام والتقدير لدور
المؤسسات الإصلاحية العظيم، فاقترح أن يتغير منظور المجتمع تجاه الطفل مرتكب
الجرائم، ليتحول لدراسة حالة من جميع الجوانب النفسية والاجتماعية والاقتصادية،
قبل توقيع العقوبة عليه، بالإضافة إلى تحديد برامج تأهيل في مؤسسات تكون خاصة أكثر
لتأهيل ظروف الطفل الخارجية إلى جانب تقويم سلوكياته.
7- ما هي أكثر أنواع جرائم الأطفال شيوعًا تم رصدها؟
لا يمكن القول إن هنالك أنواع جرائم شائعة أكثر من
الأخرى، وإلا كنا شعرنا بها كمجتمع، تتعدد الجرائم التي يرتبط بها الأطفال
والمراهقون، كالسرقة، وحتى الشجار والتحرش والقتل الخطأ والمتعمد، ولكن بطبيعة
العصر الحالي بدأت تظهر كثيرًا من الجرائم المتعلقة بالتكنولوجيا.
8- هل هناك زيادة أم انخفاض في معدل الأطفال مرتكبي الجرائم في
الفترة الأخيرة؟
لا يوجد تغيرًا واضحًا في معدلات جرائم الأطفال في
الفترة الأخيرة عن سابقها، سواء بالزيادة أو النقصان، ولكن مع تقدم المجتمع تطورت
معه أنواع الجرائم، هناك زيادة في معدلات الجرائم والشغب الإلكتروني مثل التنمر
والابتزاز، ولكن معظمها لا يصل إلى درجة تطبيق العقوبات، رغم عظم تأثير تلك
الأفعال.
9- هل هناك أبحاث تشير إلى ارتفاع نسبة الجرائم في فئة عمرية
معينة؟
بالتأكيد مرحلة الاقتراب من سن المراهقة هي أكثر
مراحل الطفولة انتشارًا للجرائم، فمنذ بداية سن ال12 عاما وحتى بلوغ ال18 تمتلأ
تلك المرحلة بالتغييرات الشخصية العنيفة، والتغيرات الجسدية والهرمونية، بالإضافة
إلى تغير دور المراهق أو المراهقة في المجتمع، مما ينتج عنه اضطرابات شخصية وفقدان
للهوية، تجعل المراهقين من السهل قيادتهم للانخراط في أفعال إجرامية.
10- هل هناك تحديات خاصة في التحقيق في جرائم الأطفال مقارنة
بجرائم البالغين؟
من المنظور السيكولوجي، فإن التحقيق مع الطفل يتطلب
معاملة خاصة، تجعلها أصعب من التحقيق مع البالغين، حيث لا يمكن إخضاعه لنفس
القوانين التي تخص البالغين عند التحقيق، وذلك بالتأكيد يشكل تحديًا لرجل القانون،
ومن وجهة نظر المعالج النفسي فإنه يرى الطفل دائمًا في صورته الأولية كحالة تحتاج
للتأهيل والتقويم، وليس كمجرم.
11- الأحداث أو المؤسسات العقابية، مكان تحسين سلوك أم صقل مهارات
مجرم؟
المؤسسات العقابية في مضمونها مكان إصلاح بالفعل، ولكن
شأنها هو شأن البيوت المصرية، التي قد تعج باضطرابات أو قيم وظروف تحتم على الطفل
عدم التغيير، أو تؤخر من عملية إصلاحه، بالإضافة إلى تأثر الطفل بالحالات المحيطة
به.
12- في الأغلب يوجد وصمة اجتماعية عند الحديث عن أطفال الأحداث،
كيف يمكننا معالجة ذلك؟
بالتأكيد يحتاج الأمر لتعديل لغة الخطاب الإعلامي
ناحية الأمر، والتوعية بأنهم ليسوا مجرمين وإنما ضحايا، بل أن الأمر أحيانًا يصل
للأطفال الذين تم إيداعهم في دور رعاية الأيتام، رغم عدم ارتكابهم أي جريمة.
