بقلم محمد أنيس، خبير اقتصادي
إن الوضع الاقتصادي المحلي في مصر قبل ٢٣ فبراير الماضي
مختلف عما بعده، لأن قبل ذلك التاريخ زادت الفجوة التمويلية الدولارية في مصر وحجم
الالتزامات الدولارية علينا، وزاد معها التساؤل "هل تستطيع مصر الالتزام بها
أم لا؟".
أما تاريخ ٢٣ فبراير، وقت الإعلان عن الصفقة الاستثمارية
لرأس الحكمة، حيث تم ثلاث اتفاقيات أخرى مع مؤسسة دولية وصندوق النقد الدولي ثم
الاتحاد الأوروبي ثم البنك الدولي؛ وبالتالي تلك الأربع اتفاقيات الكبيرة أدوا إلى
سيولة تجارية تصل إلى حوالي ٦٠ مليار دولار على مدار ٣ أو ٤ سنوات؛ وبالتالي تلك
الأمور تغلق الفجوة التمويلية الدولارية على مدار المدة المحددة، ثم يأتي دور
الحكومة ومدى كفاءتها على تنفيذ إصلاحات هيكلية على مدار تلك الأربع سنوات، التي
لا يوجد بها مشكلة مالية دولارية، بحيث بعد تلك المدة نصبح بيئة استثمارية جاذبة
للاستثمارات بشكل أفضل من السابق، ونستطيع لاحقًا تفادي وجود فجوة تمويلية دولارية،
ويصبح لدينا صادرات أكثر وأكبر من الواردات؛ وبالتالي وجود فائض دولاري، وليس عجز
دولاري.
أما عن أهم التحديات الاقتصادية في الوقت الحالي في الاقتصاد
الوطني، والأمر الأول هو التضخم ويجب مواجهته؛ لأن ارتفاعه يعتبر من أسوأ الأمور
في اقتصاد نامي مثل المصري، وله تابعات شديدة، ليس فقط على الأسعار بالنسبة
المواطنين؛ لأن ذلك أمر بديهي، إنما التأثيرات الكبيرة مرتبطة بالاقتصاد الكلي؛
لأن مؤشراتها مرتبطة بالاستدانة ومعدلات الاستدانة وسعر صرف الجنيه أمام الدولار
وأشياء كثيرة، لذلك مواجهة التضخم أمر أساسي وحتمي.
والأمر الثاني هو
تنفيذ سياسة تشديد مالي مقابل الحكومة، وتسهيل استثمارات القطاع الخاص المستهدفة
للتصدير، وأفضل شيء هو الاستثمار الأجنبي المباشر المستهدف للتصدير، ويجب تسهيل
كافة العوائق أمام الخمس كلمات السحرية " الاستثمار الأجنبي المباشر المستهدف
للتصدير".
أما عن الاقتصاد غير الرسمي في مصر، فهو من ضمن التراكمات
القديمة؛ لأن غير الرسمي يوازي ويساوي الاقتصاد الرسمي، وأمر مهم أن يتم ضم معظم
أنشطة الاقتصاد غير الرسمي مع الاقتصاد الرسمي، وليس بشكل مباشر، إنما بواسطة
الشمول المالي والتحول الرقمي، وذلكما الأمرين في حالة تنفيذهم تحديدًا يصبح
التعامل الإلكتروني بدون كاش، فيصبح من لديه مال خارج النظام المصرفي يجب عليه
وضعه في النظام؛ كي تصبح أوراقه سلمية؛ وبالتالي تتحول الأنشطة الاقتصادية من
اقتصاد غير رسمي إلى الرسمي بسلاسة؛ وبالتالي دقة وفعالية وشمولية.
ولتحسين الأوضاع الاقتصادية أهم شيء هو مواجهة التضخم وتسهيل
دخول الاستخدامات الأجنبية المباشرة المستهدفة للتصدير، والسوق المصري ليس بحاجة
إلى استثمارات للسوق المحلي، وليس بحاجة سلسلة مطاعم كمثال؛ لأنه يأخذ إيراده
بالجنيه المصري، ثم يطلب من مصر تحويل أرباحه بالدولار؛ كي يحولها إلى الشركة الأم
بالخارج، ونحن بحاجة استثمار صناعي والتركيز على الصناعات التحويلية المستهدفة
للتصدير والاستثمار المباشر الأجنبي، فكل ذلك سبل لتحسين الأوضاع الاقتصادية.
