رمضان قرني: حرب السودان تتخذ منحنى الحرب الأهلية

قوى إقليمية تدعم قوات الدعم السريع.. وما يحدث في السودان حالة من الانتقام

الحكومة السودانية تطالب باعتبار قوات الدعم منظمات إرهابية.. ومنابر الوساطة تفشل في الجمع بين طرفي الصراع

الاتحاد الإفريقي تجاربه فاشلة في حل النزاعات.. ووضع غزة يكشف عجز المنظمات الدولية

حوار: رحمة سعيد

بعد اندلاع حرب السودان وتفاهم الأزمة التي أدت إلى هروب العديد من المواطنين والهجرة إلى دول الجوار، وإفصاحهم عن جرائم قوات الدعم السريع، وغياب دور الجيش السوداني والحكومة السودانية، فأجرينا حوارًا مع رمضان قرني، خبير الشؤون الأفريقية، يوضح إلى أين تتجه الحرب السودانية، وإلى نص الحوار..

1-      إلى أين تتجه الحرب في السودان؟

بشكل عام الحرب تسير في اتجاهين أساسيين الاتجاه الأول؛ هو المعادلة الصفرية كل طرف يحاول أن يحسم الصراع لصالحه والاستقواء خارجيًا، ربما كانت الجولة الخارجية لقائد قوات الدعم السريع "محمد حمدان دجله" إلى بعض دول الجوار الجغرافي، محاولة لاستمالة الموقف الإفريقي لصالحه، وفي المقابل الجيش يحاول أن يثبت ذاته داخل المعادلة السياسية في السودان، خاصة بعد تراجعه في مناطق هامة مثل منطقة "الجزيرة"، أما الاتجاه الثاني؛ فهو الحرب الأهلية كنتيجة لقرار الجيش بتسليح المواطنين وتشكيل تجمعات شعبية أو ما يشبه قوات دفاع مدني شعبية تتولي الحماية وتتولي الدفاع عن بعض المناطق؛ لأنه في بداية الحرب في إبريل الماضي كانت مواجهات عسكرية بين الجيش السوداني وميلشيات الدعم السريع، ولكن مع توسع الأزمة الجغرافية للأقاليم وتحديدًا دارفور والاتجاه إلى شرق السودان، وبطبيعة الحال كانت العاصمة هي الجزء الأكبر، وحاليًا هناك أقاويل عن وصول المعارك إلى منطقة "الجدارف" في شرق السودان.

2-       الحرب في السودان تسير لصالح أي جبهة؟

لا يوجد اتجاه معين، فكلاهما يريدان أن يحسما الصراع السياسي والمواجهة العسكرية لصالحهما مع الفرق بطبيعة الحال، فنحن نتحدث عن مؤسسة رسمية نظامية وهي الجيش، في مقابل ميليشيات متمردة لا تمثل إلا بعض القبائل وبعض الفصائل.

3-      هل ما يحدث في السودان حالة من الانتقام؟

نعم وهو أيضًا رغبة واضحة من قائد الدعم السريع المدعوم من قبل القوي الإقليمية الخارجية للوصل إلى السلطة السودانية، وتكشف كافة معطيات الصراع والتقارير الأممية عن محاولات وجود انتهاك للحرمات بوجود عمليات نهب وسرقه للمنازل في السودان، فالقضية ليست مواجهة عسكريه فقط من الجيش السوداني، وتكشف شهادات المواطنين السودانيين الذين نزحوا داخليًا أو إلى دول الجوار في مصر وجنوب السودان وتشاد عن تعرض الممتلكتين للنهب والسلب من قبل قوات الدعم السريع، وبالتالي فكرة الخروج من السودان أصبح المكسب الرئيسي للحفاظ علي الأرواح بدرجة كبيرة، ووثقت منظمات دولية وحقوقية لعمليات اغتصاب من قبل قوات الدعم السريع، وربما يعود جزء كبير من ذلك إلى تحالف قوات الدعم السريع مع بعض القبائل في مواجهة مكونات القبائل العربية السودانية في الآونة الأخيرة، والتي أدت إلى دخول البعد الإنساني وظهرت عمليات قتل وتعذيب وانتهاكات جسدية.

4-      ما هو دور الحكومة السودانية في الصراع؟

واقع الحال أن الحكومة السودانية ربما منذ اللحظة الأولى كانت تتبنى قرار أن الصراع شأن داخلي، وأنها ترفض أي تدخلات خارجية، وهذا الموقف يتسق بدرجة كبيرة مع مواقف الجيوش العسكرية مع الدول النظامية انطلاقًا من الحفاظ على فكرة السيادة للدول والحفاظ على وحدة التراب السوداني، لكن الحكومة بدأت تحديدًا في الشهرين الاخرين تغير هذه اللهجة بشأن التدخل الأممي أو التدخل الدولي من خلال منابر للوساطة بين أطراف الأزمة، مثل منبر جدة الذي زرعته الولايات المتحدة للسعودية، ومنبر تجمع الدول لإيجاد الدول المنساقة للسودان؛ وتضم إثيوبيا وجنوب السودان والصومال وجيبوتي وكينيا وأوغندا، ومنبر دول جوار السودان الذي زرعته القاهرة.

5-      هل نجحت جهود الوساطة التي اتخذتها الحكومة السودانية مؤخرًا؟

للأسف كافة جهود هذه الوساطة فشلت في الجمع بين قائدي الجيش والدعم السريع والتوصل إلى توافقات لإنهاء القتال في السودان، كما بدأت السودان في مطالبة الأمم المتحدة باعتبار قوات الدعم السريع تنظيمات إرهابية، لكن واقع العلاقات الدولية والإقليمية يشير إلى عجز المؤسسات الدولية في التدخل لحسم الصراع، وتجارب الاتحاد الإفريقي فاشلة مثل أثيوبيا وجنوب السودان والصومال، وربما الوضع في غزة كاشف عن حالة من العجز الدولي في تدخل لحسم الأمور.

6-      في رأيك ما هي حلول أزمة السودان؟

أولًا وقف إطلاق النار في السودان بين طرفي الأزمة، الجانب الثاني أن تترأس القوة المدنية كاملة هذا المشهد، وأن تكون كافة القوة السياسية السودانية الشبابية والنسائية في الأحزاب التقليدية والتاريخية في السودان إلى جانب المؤسسات المدنية جزءًا من الحل، بمعني أن الحل ليس قاصرًا على الدعم السريع أو الجيش، وإنما هو الحديث عن مستقبل دولة، وبالتالي انخراط القوى المدنية في هذه الأزمات عقب قرار وقف إطلاق النار مسألة مهمة، ولا يجب التخلي عن الحلين لضرورة تواجد طرفي الصراع والتواجد المدني.

7-      ما هو السيناريو المستقبلي للسودان؟

تشكيل مستقبل السودان بيدي أبناء السودان لنضمن بناء سودان موحد ومتجانس لا يعرف مليشيات، وهي كلها أمور تحتاج الإرادة السياسية السودانية، كما أن السودان في حاجة إلى مؤتمر إعمار دولي يعيد بناء الدولة السودانية إلى ما كانت، خاصة بعد تدمير العديد من البني التحتية، إلى جانب وجود مشروع دولي كبير لإعادة المواطنين السودانيين إلى ديارهم، وهذه الجهود ليست بالهينة، وربما تحتاج إلى سنوات.

إرسال تعليق

أحدث أقدم