مصطفى بدرة: حروب الوطن العربي تسبب أزمات اقتصادية عالمية

الحروب العربية تؤثر على العالم الغربي بارتفاع معدلات التضخم.. والمقاطعة لا تؤثر على اقتصاد إسرائيل

فلسطين ليست دولة حاليًا وإنما أرض محتلة.. والسودان وسوريا واليمن دول فاشلة

كتبت مريم جهاد

بعد نشوب الحروب في أوطاننا العربية، وتصاعد الأزمات على كافة الأصعدة، خاصة بعد ازدهارها بمقومات اقتصادية مهمة، مصطفى بدرة، خبير اقتصادي، يوضح تأثيرات هذه الحروب على اقتصاد الدول العربية المتأزمة وجيرانها خاصة، ودور مصر في الحرب الاقتصادية، وإلى نص الحوار.

1-      في رأيك ما أنسب الحلول للدول للنهوض باقتصادها بعد الحرب؟

أنسب الحلول مرتبطة بتوجيه كافة القدرات المالية والاقتصادية الخاصة بالدولة إلى خدمة الأهداف التنموية، وبالتالي الإنفاق على ما تم إهماله وقت الحروب مثل الإسكان ومشاريع البنية التحتية والكهرباء وإصلاح الطرق وبناء وتطوير المصانع المدنية، وإصلاح الموازنة العامة للدولة بحيث تزيد القدرة على جذب أكبر عدد من جذب الاستثمارات المحلية أو الأجنبية، وزيادة فرص الاهتمام بالمشاريع وتوفير فرص عمل وزيادة العمالة.

2-      كيف تؤثر مدة الحرب على اقتصاد الدولة؟

مدة الحرب تؤثر على اقتصاد الدولة يقينًا؛ لأن المدة الأطول معناها قلة وضعف إنفاق أطول، ومدة أطول من ضعف الإنفاق على البنية التحتية وعلى المطالب الاجتماعية فلا يوجد إسكان اجتماعي ولا يوجد طرق وكهرباء ومياه صالحة للشرب وصرف صحي ولا يوجد مصانع مدنية وفرص عمل، بل يوجد مصانع حربية فقط وبالتالي هذا يؤثر على اقتصاديات الدولة في مرحلة ما بعد الحرب والتحول من اقتصاد الحروب إلى اقتصاد التنمية.

3- باعتبار منطقة الشرق الأوسط مضطربة سياسيًا، فهل هذا يؤثر على اقتصادات الدول الكبرى الأوروبية والأمريكية؟

اضطراب منطقة الشرق الأوسط يؤثر بشكل غير مباشر، عندما تقع حرب كحرب غزة فهذا يؤثر على صادرات الغاز المسال من إسرائيل لأوروبا، أو عند حدوث اضطراب  بين البحر الأحمر وباب المندب بسبب هجمات من الحوثيين على الملاحة الدولية؛ فهذا يؤثر على الملاحة التجارية القادمة من شرق العالم أي من الصين وباقي الدول الصناعية في الشرق التي تذهب بالبضائع لأسواق أوروبا المستهلكة، كذلك عند حدوث مشكلة بين إيران وإسرائيل افتراضًا؛ فذلك سيؤثر على أسعار النفط، وينتج عنه ارتفاعها؛ وبالتالي زيادة أسعار المحروقات أي النقط في العالم وارتفاع معدلات التضخم في أمريكيا.

4-      هل أثرت المقاطعة على اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي؟

قولًا واحد لا، لا يوجد أي تأثير ترتب عن مقاطعة المنتجات والشركات الغربية، بل التأثير هامشي على الشركات الأجنبية التي قاطعتها الشعوب العربية، حيث تأثر الاقتصاد الإسرائيلي فقط بنسبة 2%؛ لأن تلك الشركات تواجدها العالمي أكبر بكثير من تواجدها في الشرق الأوسط، وتواجدها في الشرق الأوسط يعتبر هامشي في موازنتها، ومن تأثروا بها هم العرب الذين لديهم حق "الفرنشيايز" أو استثمارات محلية وفرص العمل والموردين والتأثير على إسرائيل يعتبر صفر.

5-      كيف أثرت المقاطعة على الاقتصاد المصري؟

أثرت المقاطعة على الاقتصاد المصري بطريقة سلبية وبنسبة 98% من التأثير السلبي وقع على اقتصاديات شعوب الدول التي قاطعت كشعب مصر، ويرجع ذلك لقلة الاستثمارات ونقصها وخروج العمالة أيضًا، إضافة إلى أنشطة غير مباشرة تحدث مع الشركات الغربية والموردين من الغرب، فكل ذلك أثر سلباً على الاقتصاد المصري لا الاقتصاد الإسرائيلي.

6-      كيف أثرت الحروب على الاقتصاد المصري؟

واجهت مصر منذ عام 2020  سلسلة من الأزمات المتتالية، وقدرات الاقتصاد المصري الذاتية أضعف من مواجهة تداعيات تلك الأزمات، بداية من الكورونا ثم حرب أوكرانيا وروسيا وصولًا إلى تضخم عالمي ثم الاعتداء الإسرائيلي على غزة، وهذا أثر على حصة مصر من صادرات الغاز المسال إلى أوروبا، ثم هجمات الحوثيين على الملاحة في مضيق باب المندب، وأثر على 50% من إيرادات مصر في قناة السويس، ولا يوجد قدرات اقتصادية واقتصاد مصر مازال اقتصاد نامي، ولا يمكن مواجهة تلك المشاكل إلا بتحسن الأوضاع الاقتصادية مرتبط بتغيير الظروف الإقليمية والدولية.

7-      برغم التأثير السلبي على الاقتصاد المصري، هل ينعكس هذا على دورها الاستراتيجي؟

الأزمات الاقتصادية لا توثر بطريقة سلبية على الدور الاستراتيجي المصري، بل تزيد من قوته وفاعليته، أي أن الأزمات الاستراتيجية في الشرق الأوسط تزيد من الثقل الاستراتيجي ومن قوة المفاوضات الاقتصادية في الأزمات الاقتصادية الدولية؛ لأن الدور الإستراتيجي المصري في الإقليم لا غنى عنه ولا بديل، ولا يمكن صناعة أي حدث أو التعامل مع أي موقف في الإقليم بدون دور مباشر وفاعل لمصر في هذه الأزمة الاستراتيجية، وهذا يقوى من عضد المفاوض الاقتصادي المصري في هذه الأزمات الاقتصادية والمالية.

8-      ما هي تنبؤاتك بالمستقبل الاقتصادي لكل من السودان وسوريا واليمن؟

ببساطة هذه الدول تعتبر فاشلة وتلك الكلمة لا صلة لها بالسب، أنما وصف وتعبير في العلوم السياسية failed state ، أي دولة تفتقر لنظام حكم قوي ومستقر ومسيطر، ولوجود حرب داخل السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، فهي بالتالي تصنف فاشلة وسوريا بها حرب أهلية تعتبر كدول فاشلة، واليمن تتبعها أيضًا في نفس الوصف لوجود حرب أهلية، ففي ظل الدول الفاشلة لا يوجد اقتصاد من الأساس فيصعب التنبؤ لعدم وجود أي مؤشرات اقتصادية داخل تلك الدول.

9-      هل ينطبق نفس الأمر على فلسطين؟

فلسطين ليست من الدول الفاشلة، هي ليست دولة من الأساس هي أرض محتلة، عندما تصبح دولة سنرى حجم السيطرة على مواردها الاقتصادية، وفي ذلك الوقت يوجد مدخلات أساسها تنبؤات بالمستقبل الاقتصادي لفلسطين، إنما الآن غير وارد التنبؤ لصعوبة الموقف.

10-      بعد دعم الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل وأوكرانيا بمليارات الدولارات، كيف سيؤثر هذا على الاقتصاد الأمريكي؟

لا يوجد أي تأثير ولا يؤثر سلبًا؛ لأن أمريكيا تصدر عملة الاحتياط للنقد الدولي أي الدولار الأمريكي وتتمتع بحجم اقتصاد مهول ما يقارب ال23 تريليون دولار، وهي أعطت إسرائيل 14 مليون دولار، وتلك الأموال ليست منح ولا دعم لوجود قانون في أمريكا اسمه قانون الإيجار والسلف، وعند قيام الدولة اقتصاديا تقوم بإرجاع الأموال لأمريكا، وكذلك في الحرب العالمية الثانية؛ وفرت الولايات المتحدة دعم للاتحاد السوفيتي لمحاربة هتلر والنازيين تحت ذلك القانون، ولازالت روسيا والإتحاد السوفيتي يسددون تلك الديون حتى عام 1996 أي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، لذلك الدعم الذي توفره لأوكرانيا يعتبر تحت مسمى ذلك القانون، ويوجد خطة أمريكية لجعل روسيا هي من تدفع  الديون الأوكرانية ليضعوا يدهم على القصور الروسية في أمريكا، ويخصمون منها ديون أوكرانيا، كما أن أمريكيا هي التي تطبع الدولار لذلك لا يوجد عواقب، وفي حالة حدوث خطأ يتم طبع الدولار.

11-      برغم زخم الموارد الطبيعية في الدول العربية، ما هي أسباب تقدم الغرب؟

لأن الدول لا تقوم على الاحتياطات من الموارد الطبيعية والدول الناجحة لا تقوم عليها، بل هي عامل هامشي، ويوجد مقومات وموارد طبيعية بأحجام عملاقة داخل دول نامية لا نسمع عنها، كما دول تفتقر للموارد الطبيعية لكنها من أنجح دول العالم مثل اليابان، لذلك يوجد عوامل عديدة ومتنوعة ينشأ على أساسها نجاح الدول وليس الموارد الطبيعية، وأسباب تقدم الشمال هي وجود حسن إدارة للموارد الطبيعية مهما كان حجمها قليل أم كثير، كذلك وجود استثمار في التنمية البشرية وارتفاع معدلاتها، لذلك يتحول الفرد إلى شخص منتج، وهناك حرية في الأسواق وإنفاق شديد على البحث العلمي، وتلك الأمور مستدامة ومجتمعات الشمال دائمًا تواظب عليها وتحافظ على فارق النمو بينها وبين الدول الأخرى.

إرسال تعليق

أحدث أقدم