المخرج
تامر نادي: مسلسل "صلة رحم" استعان بالمختصين والدراسات الطبية
باسم
عطوة: الأعمال العربية والمصرية تفتقر إلى التطوير.. وأغلبها مأخوذ من الغرب
رابعة
الختام: يجب على الدراما مناقشة المثلية.. وأدعو للاستفادة من أعضاء الموتى وقتلى
الحوادث
كتبت حنين سمير، تسنيم حسين، رنا عماد، عبدالرحمن محمد.
من الأبيض والأسود إلى الألوان، هكذا تحول التلفاز بدرامته الساحرة، حيث يجتمع حوله الملايين لمشاهدة الأعمال الفنية، وكل منها يحمل رسالة تتسلل إلى عقولنا، فإما أن تكون ترسًا داخل آلة البناء أو معولًا يهدم كل ما يلاقيه من أمل، ولازالت الدراما المصرية تسلط الضوء عن أبرز القضايا المثارة داخل المجتمع.
ذكرت حنان شومان، ناقدة فنية، أن اهتمام الفن بقضايا
تجارة الأعضاء والتحول الجنسي وعمليات التجميل، يرجع إلى نمط الحياة اليومية للمواطن،
من تصفح مواقع التواصل الاجتماعي طوال الوقت، والفن ما هو إلا انعكاس للزمن، ولابد
أن يهتم بالفن بمعالجة القضايا والأهم هو طريقته في عرضها، خاصة أن الفن المصري قليل
ما يناقش القضايا الدخيلة، ولابد من وجود أعمال رمضانية تعرضها؛ لتنمية الوعي
المجتمعي بها.
وأشارت
"شومان" إلى أن المسلسل الوحيد الذي قام بذلك بالموسم الرمضاني الحالي،
هو "صلة رحم"، للفنان إياد نصار؛ حيث ناقش تأجير الأرحام والإجهاض
بالدراما المصرية، مشيدًة بطريقة طرح القضية وإلمامها بكافة الأبعاد، خاصة أن الكتاب عادة يخافون من مناقشة القضايا الحساسة، التي
يدخل بها الدين، ولكنه نجح في طرح القضية من وجهة نظر مختلفة ركزت على أن الإجهاض أحيانًا
يكون حفاظًا على حياة المرأة.
وقال تامر نادي، مخرج تلفزيوني، إن الأعمال الدرامية ذات
الطابع الوثائقي "الدوكيودراما" مهمة؛ لأنها تسلط الضوء على مشكلات لا
تحظى بتركيز كبير، أو قد تكون الآراء متضاربة حولها، مكملًا أن الدور الأهم للإعلام
زيادة وعي الجمهور وطرح القضايا المهمة التي قد يغفل عنها الاهتمام المجتمعي، بشرط
أن يتناولها بشكل حيادي.
واستطرد "نادي"، حديثه عن كيفية جمع المعلومات
الخاصة بمسلسل تأجير الأرحام، أن صياغة السيناريو كانت بسيطة يفهمها العوام، مع التعمق
في التخصص الطبي عن طريق الاستعانة بالمختصين؛ ليكون العمل خالٍ من الخطأ، كما أصر
على إعطاء دور شخصية الشيخ الأزهري لـ"خالد الجندي"، الداعية الأزهري، بدلًا
من الاستعانة بممثل؛ ليشعر المشاهد باتصال معه، مشيدًا بالدور الذي لعبه "علاء
عزمي"، باحث، في كواليس عمل المسلسل؛ لأنه أضاف نقطة غيرت من مجرى الأحداث، حيث
أثبتت الدراسات العالمية أن السيدات التي قامت بتأجير أرحامهم يعانون من أزمات
نفسية حادة، يلجؤون على إثرها لأطباء نفسيين؛ نتيجة تخليهم عن الأطفال اللذين حملوا
فيهم وارتبطوا بهم عاطفياً لمدة طويلة، وقد يصل الأمر إلى انتحارهم، معربًا عن
سعادته بتلقي الإشادة على عمله كمرجع فرعي حول قضية تأجير الأرحام.
وأضاف عطوة، أن الأعمال الدرامية العربية أعمال موجهة؛ لأن
صانعيها لديهم رسالة محددة مثل مسلسل "تحت الوصايا"، الذي ناقش قضية
الوصاية للأطفال القاصرين بعد وفاة الزوج، مشيرًا إلى أن الدراما الغربية مؤثرة
بشكل كبير في المجتمع العربي، بسبب تكاليف الأعمال الباهظة، وأن الأعمال العربية وبالأخص المصرية تفتقر إلى التطوير
والابتكار؛ حيث إن أغلبها مأخوذ عن أعمال غربية، مثل فيلمي "ملاكي
اسكندرية" و"غبي منه فيه"، والأعمال البطولية المصرية تحمل مبالغات
غير منطقية، مفسرًا نجاح الدراما الغربية عن مثيلتها العربية بأصالة نقل المعلومة وتمثليها
للمشاهد بصورة مناسبة للواقع، محذرًا من سلبياتها على المشاهد العربي فهي كثيرًا
ما تدفع العقل الباطن واللاواعي ليسوق اتجاهات معينة لا تناسب ثقافته.
أوضح إبراهيم النحاس، أنه من الطبيعي أن نجد الأعمال
الدرامية التي تناولت تلك القضايا قليلة، ولكن كافية كبداية؛ لأنها مشكلات جديدة
على مجتمعنا، مشيدًا ببعض الأعمال بدايًة من مسلسل "ذهاب وعودة"، ومرورًا
بمسلسل "في أيدٍ أمينة"، إلى جانب فيلم "١٢٢"، ومسلسل "حدوتة
منسية"، وأخرهم مسلسل "صلة الرحم"؛ لتسليطهم الضوء على مشكلة
الإتجار بالأعضاء البشرية؛ حيث عرضت القضايا بشكل تفصيلي، بفضل تناغم رؤية المؤلف
ورسالته مع رؤية المخرج وفريق التمثيل؛ ما أدى إلى نجاح هذه الأعمال في إثارة تلك
القضايا، متمنيًا مزيد من الأعمال الدرامية التي تلقي الضوء على تلك القضايا
الواقعية الخطيرة.
وأشادت رابعة الختام، ناقدة فنية، بمسلسل "صلة
رحم"، الذي تدور أحداثه حول قضية تجميد الأمشاج؛ نتيجة تعرض بطله لحادثة
جعلته يضطر لتجميد المني؛ حتى لا يحرم من الإنجاب، معتقدًة أن هذه العملية لا تعارض
الدين الإسلامي في شيء؛ لأنها ليست بزنا ولا بخلط أنساب، وأن ما يعارضه هي عملية تأجير
رحم المرأة لفترة معينة حتى الإنجاب من خلال بويضة وحيوان منوي خارجيين؛ لأنه نوع
من أنوع خلط الأنساب، متابعًة
أن هناك نوع من القضايا يرفض الإعلام تسليط الضوء عليها رغم خطورتها، كقضايا
المثلية الجنسية، مشددًة على ضرورة مناقشتها بالأعمال الفنية؛ لتوعية الأجيال
القادمة بخطورتها.
وأضافت «الختام»، أن قضية التحول الجنسي، نُوقشت لفترة
طويلة في الدراما والكتابات الروائية في الأدب، كمسلسل "صرخة أنثى"، ورواية
"شارع بسادة"، داعيًة إلى ضرورة الاستفادة بأعضاء الموتى وقتلى الحوادث،
موضحًة أن عملية نقل الأعضاء البشرية أشبه بسلاح ذو حدين؛ لذلك يجب على الدراما تسليط
الضوء عليها، وألا تتوقف عن مناقشة هذه الموضوعات بشكل سطحي.
وأفاد محمد محمدي، ناقد فني، أن معالجة الدراما المصرية
لتلك القضايا، تفتقد إلى العمق العلمي، واهتمامها بالجوانب الكوميدية أو الحركية
علي حساب النواحي العلمية والطبية، متمنيًا أن تتوسع المعالجة في تناول تلك القضايا بصورة دقيقة
تقنع المتلقي بما يراه، مفسرًا أن المقصود ليس تحويلها لأفلام وثائقية ولكن ألا
تكون مخالفة للعلم والواقع، مشيرًا إلى أن الخيال العلمي مجال خصب للدراما، خاصة
أن صناعة السينما المصرية تقدمت كثيرًا؛ لتستطيع تقديم تلك النوعية من الروايات
بصورة مقنعة ومبهرة؛ حتى وإن لم تضاهي تقنيات السينما الغربية.
وأشاد "محمدي" بالأعمال الدرامية الأخيرة
كمسلسل "في أيد أمينة"، و"حدوته منسية"، و"ذهاب وعودة"،
"صلة الرحم"؛ لتحري صُناعها الدقة في تفاصيل أحداثها، ما ساهم في اقناع متلقيها،
مدلًلا باختيار صناع مسلسل "صلة رحم" قضية مثيرة استئجار الأرحام من
الناحية الاجتماعية والدينية والقانونية؛ وتناولها بطريقة عرض جيدة؛ وإلمام الفنان
بتفاصيل الموضوع الذي يقدمه وليس دراسته لشخصية العمل فقط؛ ساعد في تقديم رؤية
أفضل حول أبعاد القضية؛ حتى خرجت إلى الجمهور بالشكل المطلوب.
وقال عماد سالم، ناقد فني، إن الدور الأول للفن هو تسليط
الضوء على القضايا المهمة الرائجة والدخيلة على المجتمع، على أن تؤثر بطريقة غير
مباشرة في وعي المشاهدين نحوها، لا للتسلية والترفيه، مكملًا أن الشعوب العربية تستمد
ثقافتها من الأفلام والمسلسلات، معلقًا أنه لا يوجد فيلم عربي واحد استطاع أن يقدمها
بشكل جيد، مفسرًا أن الأفلام عادة ما تتناول بعض التلميحات البسيطة عنها لا طرحها
بشكل جاد، مثل فيلم عمارة يعقوبيان الذي قدم مبرر لشخص شاذ جنسيًا، لكن كيف حدث
التحول، فلم يذكر الفيلم أي مبرر لذلك.

