نفيسة: أحاول تحصيل أي مال لشراء المخدرات.. وعطية: رأينا اثنان منهم في وضع مخل
علاء: وجدنا جثة منحورة
عليها علامات تعذيب.. وولاء: تجار المخدرات شجارهم ينتهي بالقتل
مستشار قانوني:
الحبس سنة لمتعاطي المخدرات.. وتختلف العقوبة حسب نوع المخدر
كتبت نورا علاء
داخل الأزقة والشوارع الصغيرة يقطن
إنسان لا يعرف إلا المخدرات والقمامة صديقًا، عالم قمامة يجمع بين الفقر والجهل
لينتج ألوانًا من الجرائم، أفراد لا يعرفون للألم سبيل ولا يوقفهم شيء وسط ظلام لا
ينتهي، ومشاكل تتكاثر يومًا بعد يوم فوق رفات ضحاياها.
الموت في صمت
راحت تتردد هذه العبارة على السنة
الحاضرين، بمنطقة بولاق الدكرور سلم محطة المترو الجديدة، وجدوا شابًا في بداية
الثلاثينات ميتًا، مرتديًا ثياب رثة متسخة، يبدو أن الماء لم يمسسه منذ مدة،
وانتشرت رائحته، لتشتمها بمجرد مرورك بجواره، لا يعرف أحدًا له اسم أو أصدقاء أو
عائلة، لا يعرفون سوى أن اسمه "أحمد"، اعتاد جمع القمامة وبيعها وما
يتحصل عليه ينفقه في الحصول على المخدرات، ويعود إلى السلم في بداية كل يوم بعد أن
قضى الليل في التعاطي، وتم إبلاغ الشرطة، واستلم الجثمان الطب الشرعي، وتم التحقيق
مع الحاضرين حول سبب الوفاة وهوية المتوفي، وذلك وفقًا لما رصدناه من شهود العيان.
أما بعد مرور شهرًا، عند كوبري ثروت
بمنطقة فيصل الجزء المقابل لقسم شرطة "بولاق"، وجد الناس فردًا متوفيًا
بجوار السلم وبجانبه "شوال" لجمع القمامة مرتديًا جاكتًا وبنطلونًا تفوح
منهم رائحة القمامة، ونتيجة الظلام لم يتمكنوا من معرفة إذا كان قتل أم لا، وتم
إبلاغ الشرطة واتخذوا الإجراءات اللازمة، وذلك وفقًا لما رصده رصدناه من شهود
العيان.
"الكيف بيذل" هكذا وصفتها
نفسية السيد، 39 عامًا، عندما كانت مع جارتها لشراء مستلزمات المنزل، ووجدت أحد
نباشين القمامة حاملًا حافظة سجاد يتخطى سعرها الـ800 جنيه، وأوقفهم وأخذ يلح
عليهما أن يشتريا منه الحافظة بـ100 جنيه فقط، وكانتا ترفضان مما اضطره إلى خفض
السعر حتى وصل إلى 50 جنيهًا، وعندها قررت جارتها شرائها كونها فرصة لا تعوض،
مضيفة أنه كان يبدو عليه الإرهاق الشديد والتوتر وفقدان الاتزان، وعدم القدرة على
الحديث بطريقة واضحة وسليمة، متحججًا أنه يريد أن يشتري وجبة الإفطار، مؤكدة وضوح
علامات الإدمان وحاجته لجرعة منها.
وقال محسن عبدالكريم، 63 عامًا، إنه
معروف في منطقته السكنية ودائمًا يترك سيارته أسفل منزله العائلي، وفي الصباح
الباكر كان واقفًا صدفة في الشرفة ليجد أرجل شخص أسفل سيارته، مما اضطره إلى النزول
للتحقق من الأمر ليجد نباش قمامة كان يقوم بتفكيك بطارية سيارته، ثم اجتمع أبناء
المنطقة وقاموا بضربه.
وروى عطية السعيد، 55 عامًا، أن
سكان الحي الذي يعيش به وجدوا رجلًا غريبًا من نباشين القمامة يتردد على أحد
البيوت، مؤكدًا معرفة الأهالي لبعضهم البعض، خاصة أن هذا الفرد كلما مر لا يلقي
التحية ويحاول إخفاء وجهه، مما جعلهم يشكون في الأمر، ومع استمرار الوضع مدة شهر،
قرروا الصعود ذات مرة ليجدوه في وضع مخل، وقام الأهالي بضرب كليهما، واضطروا إلى الفرار
بصعوبة ولم يعودوا مجددًا.
وذكرت ولاء مدحت، مالكة منزل بمنطقة
بولاق الدكرور، أن أمام منزلها يوجد العديد من تجار المخدرات التي يبيعونها جهرًا،
وتجدهم ليلًا من خلال فتحات النافذة يقومون بالوزن والتغليف لإعدادها للبيع، ومن
ثم يخصصون جزء لهم يبقون عليه حتى ينهونه طوال الليل، مؤكدة ثرائهم من تجارة
المخدرات، رغم أن أكبر شاب بهم لا يتجاوز عمره الـ24 عامًا، مضيفة أن أهالي الحي
أوقاتًا كثيرة يستيقظون على صوت طلقات نارية يطلقها هؤلاء الشباب دون سبب، وتظل
متواصلة بكمية كبيرة مدة لا تقل عن عشرة دقائق.
وأكملت "ولاء" أن الحي
شهد مختلف أشكال الشجار بين تجار المخدرات ونباشين القمامة، راوية إحدى المرات،
قام فيها شاب بكساء جسده بالزيت حتى لا يتمكن أحد من الإمساك به، ولف جنزيرًا حول
يديه ونزل يلوح به في وجه من يقترب منه، مسقطًا شابًا آخر ميتًا في نفس اللحظة،
وامتلأ الشارع بقطع الزجاج؛ نتيجة زجاجات المولوتوف التي ألقيت وقتها، فضلًا عن
المصابيح النيون.
وأثناء تفريغ محتوى صندوق القمامة وفرزه
من قبل علاء عارف، العامل بمحل حلويات شهير، وجد جوالًا بجانب الصندوق الموجود بجانب
المحل، بجانبه شخصًا من نباشين القمامة، متعرفًا عليه من ملابسه وشكل شعره، منحور عنقه
ومربوط من يديه وتبدو عليه علامات الضرب وتعرضه إلى التعذيب، وأبلغوا الشرطة، وبعد
تفريغ كاميرات المحل وجدوا قدوم شخص ملثم وضع الجوال ورحل، ولم يعرفوا شئيًا من ذلك
الحين عن الحادثة بعد أن أخذ الطب الشرعي الجثة.
القانون يردع الجريمة
أفاد رفعت حامد، مستشار قانوني، أن
المخدرات جريمة حال اكتشافها يخضع الفرد إلى إجراء الفحوصات اللازمة، وفي حال
التأكد من تعاطيه لمواد مخدرة بمختلف أشكالها يخضع للعقوبة وفقًا لما ينصه
القانون، ونصت المادة 39 من قانون العقوبات على معاقبة
الشخص الذى يتعاطى
المواد المخدرة بالحبس
لمدة سنة، مع إلزامهم بدفع غرامة مالية، تتراوح ما بين ألف جنيه وثلاثة آلاف جنيهًا،
إذا تم القبض على المتهم في مكان مخصص أو تم إعداده لتناول المواد المخدرة وتعاطيه للمواد
المخدرة مع علمه بذلك، وتزداد العقوبة مثليها سنتين اذا كان الجوهر المخدر الذي
قدم الكوكايين أو الهيروين، كما حدد العقاب حسب كمية المواد المخدرة ونوعيتها
وطبيعة الجدول المدرج فيه تحدد العقوبة الواجب انزالها على المتاجرين بتلك المواد
أو حائزها، وكذلك الإتجار بها، أما
عن الإتجار بها فهي جريمة أخرى، ويجب على الأفراد مساعدة الشرطة في الكشف عن تلك
العصابات والمتورطين معهم.
وأوضح مختار إسماعيل، محامي بالنقض،
أن المادة رقم 37 من قانون العقوبات نصت أنه يعاقب
بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تتجاوز خمسين ألف جنيه، كل من
حاز أو أحرز أو اشترى أو استخرج أو فصل أو صنع جوهر مخدر أو زرع نبات من النباتات
الواردة في الجدول رقم (5) أو حازه أو استراه وكان ذلك بقصد التعاطي أو
الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانونًا، أما السرقة، فنصّت
المادة 318 من قانون العقوبات على معاقبة السارق مدة لا تقل عن سنتين في حال كانت
السرقة ليست ظرفًا من الظروف المشددة، أما في حال كون السرقة من الظروف المشددة
التي نصت عليها المادة 317 تكون العقوبة
الحبس مع الشغل 3 سنوات، وتنص المادة 320 أنه يجوز في حال العودة تشديد العقوبة
بوضع المتهم تحت المراقبة سنة في الأقل أو سنتين على الأكثر.
وتابع "مختار" أن اكتشاف
حالات القتل يتم فيها تفريغ الكاميرات المحيطة بالمنطقة للكشف عن ملابسات الحدث،
وخلالها تكون الجثة لدى الطب الشرعي للكشف عن سبب الوفاة، أما في حالة القتل فتبدأ
تحقيقات أخرى للبحث عن القاتل واتخاذ الإجراء القانوني المناسب.


