غادة:
أتحمل مسؤولية أولادي وزوجي المدمن.. وأم علا: "كان نفسي أشرف عيالي بس
معرفتش"
طبيب
نفسي: الإرهاق والعزلة الاجتماعية يدمران الصحة العقلية والنفسية
كتبت
حنين سمير، وتسنيم حسين
يلجأ
بعض الأشخاص إلى القيام بأعمال أو مهن غير محببة بالنسبة إليهم، اضطرارًا بسبب ظروفهم
الاجتماعية والاقتصادية، خاصة في المستويات الشعبية المتدنية، وهناك من يعمل حبًا
في عمله، حتى لو كان غير محبب بالنسبة إلى الكثيرين متحملين ما يواجههم من إهانات
فضلًا عن صعاب مهمات العمل.
عملت غادة
محمد، 38 عامًا، داخل إحدى المنازل التي نشأت بها منذ صغرها، وتعمل كمساعدة
بالمنازل منذ أن كانت في السابعة من عمرها لجمع المال من أجل المساهمة في مصاريفها
وتعليمها، وللمساعدة في مصاريف البيت بعد كبر سن والدها، ورغم معاناتها من معاملة
البعض إلا أنه يتوجب عليها إيجاد بديل قبل المغادرة، وبعد إتمام تعليمها وزواجها
وزيادة المصروفات والمسؤوليات عليها لاضطراب ظروف عمل زوجها واكتشافها تعاطيه المخدرات،
سعت إلى العمل بأكثر من مجال حتى لا تجعل نفسها تحت رحمة زوجها أو المنازل العاملة
بها، كالسيدة الستينية التي تعمل معها حاليًا، فتتحمل سوء معاملتها هي وأولادها
لوجود مرتب مجزي.
ونعمه
السيد، 25 عامًا، مساعدة مقيمة، لا تحب عملها المرهق جسديًا ونفسيًا، ولكنها مضطرة
إليه؛ كونها مطلقة ولديها طفل ثلاثة أعوام، وعليها تحمل مسؤولية الإنفاق عليه،
نظرًا لعدم مشاركة طليقها في نفقاته، معلقة أنه ليس من السهل المبيت في بيت أغراب،
خصوصًا إذا كان المنزل به شباب من سنها، وهذا ما يشعرها بالقلق يفقدها الارتياح
حتى وإن لم تتعرض لأذى فعلي منهم، إضافة إلى الأسلوب القاسي من صاحبة المنزل، وما
يجعلها تكمل احتياجها فقط إلى مصروفات ابنها ومساعدة أهلها، لمواكبة الظروف
المعيشية وزيادة صعوبتها مع مرور الوقت، مؤكدة ندمها على عدم إتمام تعليمها، لكنه
لم يكن باختيارها؛ نظرًا لظروف أهلها وأفكارهم واعتقاداتهم الخاطئة وصغر سنها،
مختتمة "الحوجة مرة".
وبعد
طلاق أم علا،30 عامًا، من زوجها وهروبه من المنزل، أصبحت هي العائل الوحيد للأسرة،
مواجه العديد من الصراعات الداخلية، فرغم رفضها العمل كخادمة إلا أنها اضطرت له،
ممتنعة عن أي منزل يوجه لها أية إهانات، حتى لو نظرات، لتتمكن من معرفة عدة سيدات
تفضل العمل لديهن، قائلة بابتسامة مكسورة "كان نفسي أشرف عيالي بس
معرفتش".
دفعت
الظروف أم شهد، 40 عامًا، إلى العمل في منزل بمنطقة الهرم، وتعرضت الي مأساة
كبيرة، بضياع إحدى الأساور الذهبية لصاحبة المنزل، لتصبح كبش الفداء وتم إتهامها
بالسرقة، وفي رحلة البحث التي استمرت ٦ أشهر تم حبسها بالمنزل، حتى ظهرت الحقيقة
وتأكدت براءتها، ولكن كان بعد إهانتها، مضيفة أنها عملت أيضًا كعاملة تنظيف في حمامات
إحدى المدارس، ولكن الشغل شاق عليها؛ فقررت ترك المدرسة.
فيما اعتدى على محمود محمدي،
50 عامًا، حارس عمارة بالدقي، أحد المحامين بالضرب داخل مكتبه، وتعاون معه 7 أفراد
آخرين ونجله، ففي هذه الليلة كان يجلس بمفرده بالبدروم، واتصل به المحامي المقيم
بالعمارة، وطلب منه القدوم إلى المكتب، وعند وصوله المكتب طلب منه إغلاق الباب ليوجه
له اتهامًا بسرقة المكتب، لكنه اتهامًا باطلًا، مستشهدًا أن العمارة بها أكثر من
محامي آخر ولم يشتكٍ أحد منه، رافضين سماعه منهالين عليه ضربًا، ولم يراع أحد كبر
سنه، وحرر بعد ذلك "عم محمود" محضرًا بالواقعة.
الطب النفسي يحذر
الخادمات
في المنازل يتأثرن بسبب الشعور بالعزلة، والإرهاق النفسي بسبب طبيعة العمل
المستمرة دون راحة كافية، وعدم وجود حياة اجتماعية حقيقية، كما وصفته زينب أحمد،
أخصائي نفسي، والذي يؤدي إلى تدهور الصحة العقلية والعاطفية والعلاقات الشخصية
والاجتماعية، إذا لم يتم التعامل مع تلك القضايا بشكل صحيح.
وذكر
أيمن محمد، طبيب نفسي، أن هناك العديد من الجوانب التي يجب
مراعاتها عندما يتعلق الأمر بتوظيف شخص ليقوم بالعمل في بيئة شخصية مثل المنزل،
مما يجلب عددًا من التحديات والتفاصيل النفسية التي يجب مراعاتها أهمها الثقة والخصوصية، فالعاملة
المنزلية تدخل إلى مكان سكنك وتتعرف على تفاصيل حياتك اليومية والشخصية، وقد يكون
هذا مصدر قلق إلى بعض الأشخاص، ولذلك من المهم أن تكون هناك آليات واضحة لحفظ
الخصوصية وضمان الثقة في العلاقة بين صاحب المنزل والعاملة.
وتابع "أيمن" أن
تأثير الديناميكية الاجتماعية داخل المنزل يجب أن يُدرَك، وقد تواجه العاملة
تفاعلات مختلفة مع أفراد الأسرة، وقد تتعرض إلى الضغوط النفسية أو التوتر نتيجة
لتلك التفاعلات، مؤكدًا أهمية تقديم دعم نفسي للعاملة المساعدة لضمان بيئة عمل
صحية ومريحة للجميع.
الدين ينصحنا
وأفاد محمد يوسف، أستاذ بالفقه
والشريعة، أنه من المهم ملاحظة أن الرأي قد يتفاوت بين الفقهاء والمذاهب الدينية
المختلفة، ولكن هناك بعض الآراء التي يمكن تحديدها بشكل عام، مثل الإشكالية
الأخلاقية، فقد ينظر البعض إلى عمل العاملات في المنازل أنه بمثابة استغلال
للعمالة، وقد يتعارض مع قيم العدل والكرامة الإنسانية، فيرى آخرون أن عمل العاملات
في المنازل يأتي كحل لضرورات اقتصادية ملحة، ويعتبر البعض أنه فرصة للنساء
للمساهمة في الاقتصاد المنزلي وتحقيق الاستقلال المالي، مما يعزز مكانتهن في
المجتمع.
وأكمل "يوسف" حول التوجيهات الدينية، أنه توجد توجيهات محددة في بعض الأديان تتعلق بأداء المرأة لدورها في المجتمع والأسرة، ويختلف تفسير هذه التوجيهات بين المجتمعات والثقافات المختلفة، فيكون الدين محفزًا لتوجيه الناس إلى التعاطي العادل مع العاملات في المنازل، وضمان حقوقهن وتوفير ظروف عمل لائقة.
