أفكار يقع فيها
الطفل والبالغ.. ورجال الدين: أهداف اقتصادية ورائها
أستاذ الطب النفسي:
رغبات عاطفية خاطئة
كتبت:
رحمة سعيد، رنا عماد، عبد الرحمن محمود، نورا علاء
قرية كونية صغيرة، هكذا تحول عالمنا الجديد، وأصبحت الثقافات عالمًا مفتوحًا لكافة الدول، وبينما هي فرصة أتاحت التواصل واكتساب المزيد من الخبرات والتعلم من الحضارات الأخرى، إلا أنها كانت سلاحًا راح يهدم مجتمعات بتصدير ثقافات لا تمت له بصلة، بين المثلية والإلحاد واللا إنجابية، كيف بات تبني المجتمع لهم؟.
اللا إنجابية شعور بالمسؤولية
يحاضر كريم الصياد، أستاذ علم النفس
بكلية الآداب جامعة القاهرة، في مقر حركة علمانيون للتوعية بمخاطر الإنجاب، قائلًا
إن من أهم كوارث "ثقافة الإنجاب إعاقتها تكوين المجتمع المدني، والشرط الأساسي
لتحقيق الديمقراطية، فتفكيك الأسرة هو الشرط الضروري لبناء المجتمع المدني، وفي
الدول الاوروبية لا تجد أحدًا يقول "ابني سيقف إلى جانبي حين أشيخ"؛
والسبب هو نشاط المؤسسات التي تقدم رعاية حقيقية للمسنين والمرضى والمعاقين؛ وبالتالي
ثقافة الإنجاب تؤخر المجتمع وربما تعوق تمامًا عملية التقدم، مضيفًا أن كل طفل
جديد في ظل هذه الثقافة في مصر يؤخر تقدم المجتمع ويعرقله في الطريق إلى
الديمقراطية، واللا إنجابية ليست تهربًا من المسؤولية، بل شعور بها وأكثر تعمقًا
في مفاهيم الحياة.
كريم الصياد، لا إنجانبي
يحيى شريف، خريج كلية الهندسة، 29
عامًا، ضد فكرة الإنجاب حتى لا يعاني ابنه، كما يعاني هو الآن في حياته، فأحواله
الاقتصادية سيئة؛ بسبب عدم حصوله على وظيفة أو على عمل مجزي لقدراته؛ فأقتنع
بالمقولة المشهورة التي رفعها بعض المفكرون "فرضت
علينا الحياة ولن نفرضها على أحد"، فالإنسان الحكيم لن يكرر معاناته مهما
كان الثمن، موضحًا أن الأمر لا علاقة له بالدين، حيث يأمر بالتناسل بغض النظر عن
الظروف الحياتية، فذلك يؤدي إلى إنجاب أشخاص للعالم غير مهتمين بحالتهم النفسية
والاقتصادية في ظل تلك الظروف، مضيفًا أنه إذا أصبح ميسور الحال يومًا ما؛ فلن
يفكر أيضًا في الإنجاب إطلاقًا.
المثلية حرية
حمادة العليمي، مدرب حياتي، مصري
يعيش في نيوزيلاندا، متزوج من امرأة منذ 14 عام ولديه ولد وبنت، قال إن كل شخص
لديه ثوابت في الحياة، ويعلم أنه لديه ميول مثلية، فذلك جزء من تكوينه ويتصالح معه، وحلم من أحلامه
كان إنشاء أسرة طبيعية، ولم يترك ذلك الميول يقف عائقًا أمام حلمه، موضحًا أنه لا
يملك اختيار ميوله، ولكن يملكه في حياته، وبالفعل زوجته كانت تعلم قبل زواجهم
وكانت متفهمة، متابعًا أن الموضوع بدأ منذ الصغر، فكان يهتم بالأولاد أكثر،
منجذبًا عاطفيًا لهم، قائلًا "مثليتي قربتني من ربنا"، ويقبل أن يكون أولاده
مثليين، وهناك حرية لهم في نيوزيلاندا، فالزواج المثلي معترف به، والزوجيين
المثليين يمكن أن يتبنوا أطفالًا.
حمادة العليمي، متحول جنسيًا
سلام سعد، متحول جنسيًا من أنثى إلى
ذكر، وأشتهر "سلام" على مواقع التواصل الاجتماعي بأنه معلمة لغة
انجليزية تشرح أونلاين، وفجأة لاحظ المتابعون تحولها إلى رجل بالتدريج، قائلًا أنه لا يغير فطرة ربنا، وأنه مخلوق بتشوه
في الأعضاء التناسلية، أي بعقل ذكر وجسد أنثى وكان يعاني في المدرسة ويشعر أنه ليس
مكانه، وكلما نظر في المرآة على جسده كان يشعر أنه مقيد، ولم يعلن في البداية خوفًا
من الانتقاد، فكل إنسان يريد أن يشعر أنه محبوب، ولكن تعالج نفسيًا وتصالح مع الأمر،
مدركًا أحقيته في التعامل باحترام، مضيفًا أنهم كمتحولون جنسيًا يواجهون صعوبات في
الحياة عمومًا والعمل خصوصًا؛ فيتجهون للأعمال غير المشروعة.
رحلة من التشدد إلى
الإلحاد
أحمد حرقان، صانع محتوى ملحد، كان
مدرسًا بالسعودية يشرح الفقه والعقيدة للأطفال، وحافظًا للقرآن الكريم كاملًا،
وأدى فريضة الحج 7 مرات، وجاء التحول بسبب الشك في وجود الله، مع عدم وجود أي أدلة
على الطرح الديني، مصرحًا أنه عاش متدين لفترة طويلة، ولكنه كان تقليد لأهله،
فالحق أدلته دائمًا واضحة كالشمس والقمر، على عكس الدين فكله ألغاز، فبدأ منذ عام
2021 بصناعة محتوى على فيسبوك لتحليل القرآن والتشكيك في آياته وإقناع الناس
بفكرته، والجدير بالذكر أنه عاد للإسلام مرة أخرى، ثم ألحد بعدها، مضيفًا أنه يقبل
النقد من المجتمع، متعرضًا إلى العديد من محاولات الضرب والقتل من المواطنين،
وأجهضت زوجته بسبب تعدي أحد الاشخاص عليها.
أحمد حرقان، ملحد
وأفاد عمرو هاشم، مهندس اتصالات،
ملحد، أن فكرته بدأت من أين تم خلق الله ولم يجد له إجابة علمية من الشيوخ، فدائما
يحرمون السؤال من الأساس، ولا يوجد أسباب علمية لوجود الله، أولها من خلق الوجود،
فيوجد الكثير من الفرضيات تفسر وجود الإنسان على الأرض منها فرضية خلق الله لنا،
وهي أقلهم أدلة وهناك نظريات أخرى عليها أدلة أكثر، مضيفًا أنه يقوم بنشر الوعي
العلمي فقط، فذلك هو ما يقوم عليه الكون، وأفكار الإلحاد تجعل المجتمع أفضل بالابتعاد
عن الخرافات، ولكن الناس لا تتقبل ذلك بسهولة، متعللًا أن في الإسلام يأمر الله
بالعدل، وإذا نظرنا حولنا لن نجده محقق، فيوجد أشخاص تأكل من القمامة وأشخاص غنية
جدًا، وأشخاص لديهم إعاقة وأشخاص طبيعيين.
القرآن لا يخلو من
الأدلة.. ويحمل أقواها
قال فتحي عبدالرحمن، أستاذ البلاغة
والنقد بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر، إن لغة القرآن وحدها في حالة تفسيرها
والتدقيق بها؛ نجد أنها تحمل معانٍ غير منتشرة، وحتى ترتيب الكلمات وتقدم إحداها
عن الأخرى ووجود مرادفات ليس صدفة، بل وضعه الله عز وجل لغرض معين، موضحًا أن كافة
الظواهر التي نعاصرها الآن عاشها أقوام قبلنا ولم يأيتيهم العذاب في وقتها، فقوم
لوط ظلوا أعوامًا حتى جاء أمر الله، والإلحاد والتشكيك في وجود الله كفر، والسبب
في انحراف البعض عن الاستقامة عدم قدرة الشيوخ غير المؤهلين على كفاية فضول
الإنسان، وليس مجرد الإجابة عنها، متابعًا أن جزء من المسؤولية يقع على عاتق
الفرد، فيجب عليه أن يتوجه للمؤسسات المعنية بأمور الدين في البلد التي يقبع بها،
والأزهر لم يترك المسلمين بالخارج، ولديهم مواقع التواصل الاجتماعي وأرقام
للاستفسار.
وأوضح عبدالفتاح عبدالغني، عميد
كلية أصول الدين جامعة الأزهر السابق، أن التحول من ذكر إلى أنثى والعكس يتوقف حسب
شروط أقرها الدين والعلم، ولا تنبع من اتباع الهوى والرغبات، وإنما هي حالة طبية
يلزم لها العلاج كعلاج التشوه الخلقي ليمنح الإنسان القدرة على التعايش مع
المجتمع، ويجب أن تتم عملية التحويل بعد إقرار من الأزهر وإصدار تصريح للفرد يسمح
له بالتحول، ويعتمد إخراج الموافقة على التحاليل والإجراءات الطبية اللازمة التي
تؤكد ضرورة التحول لحاجة صحية، ثم يجتمع نخبة من العلماء للتشاور وإصدار الموافقة،
واتخاذ إجراءات قانونية عدة لتسمح للفرد بتأكيد هويته وتعديل بياناته في كافة
الجهات الحكومية.
وأضاف "عبدالفتاح"، أن
العلماء قد يختلفوا في هذا الأمر، كونه يتوقف على حرمانيه التغيير في خلق الله،
وفق قوله تعالى "خلقنا الإنسان في أحسن تقويم"، وأن أي تغيير هو تشويه
لجسد كرمه الله عز وجل، كما قال تعالى "وَلَأُضِلَّنَّهُمْ
وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ
وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ
وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا"، سورة الأنعام الآية 119، وهى نقلًا عن لسان
الشيطان إذ توعد للإنسان بأن يوسوس له بالتغيير في خلق الله.
وأفاد حمد نبيل، أستاذ الشريعة بكلية
دار العلوم جامعة القاهرة، أن المثلية محرمة قطعًا في كافة الأديان، فهي ضد فطرة
الإنسان التي فطره الله عليها، وثقافة مندسة على العالم العربي لهدمه، تابعة
لجماعات تهدف إلى تقليل عدد أفراد مجتمعهم لظروف اقتصادية واجتماعية ليس إلا،
وانبثق عن تلك الرغبة عدة مفاهيم كالمثلية التي ذكرناها واللا إنجابية، وما يغفل
عنه البعض أن الإسلام لم يشجع على التناسل والازدياد فقرًا، فلدينا مفهوم تنظيم
النسل، الغرض منه ضمن حياة كريمة للفرد داخل أسرته، ولكن منع الإنجاب مع عدم وجود
أسباب طبية هو إثم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تناكحوا
تناسلوا"، وهو إيضاح تام لغرض الزواج وهو النسل.
الطب النفسي يوجه
للتحول الجنسي أسباب عدة، وأكثر
الفئات التي تتفهم صعوبة التعايش مع ميول مختلف بجسد آخر، لتأثير العديد من
الهرمونات التي تؤثر على الصحة النفسية والجسمانية للفرد، كما شرحتها هبة العيسوي،
أستاذة الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس، وأن المجتمعات العربية ترفضها رغم
إتاحة الدين لها وفقًا لضرورات طبية، وعدم تحول الفرد يسبب له حالة من القلق
والاكتئاب والبعض وصل إلى الانتحار، أما المثلية الجنسية فلا يوجد لها أعذار طبية،
ويرفضها العديد من الأطباء حتى في الغرب، فيملك الفرد خيار التحول إذا كان يواجه
مشكلة طبية، ولكن المثلية ليست عرضًا للتحول، بل هي رغبة عاطفية من الفرد ليس لها
أي أساس صحي.
وأكد نبيل عبدالمقصود، استشاري
الأمراض النفسية والعصبية، اتساع انتشار تلك الثقافات بين الأطفال، فهي محاولة
لتغيير ميول المجتمعات يقع بها أفراد ضعيفو الإيمان، وهذا الضعف السبب الأول به
الأسرة، فيجب الإجابة على كافة أسئلة الطفل مهما كان غريبة، وألا يتم نهره ومنعه
من السؤال لمجرد كونها حرام؛ لأنها تظل عالقة في أذهانهم ويبدؤون بالبحث في جهات
خاطئة، كذلك الأمر في عالم البالغين، فثقافة السؤال في بعض الجوانب تعتبر من
المحظورات في المجمعات الغربية خاصة إذا تعلقت بالجنس والدين، وتترك الفرد يكون
مفاهيم من مصادر خاطئة وتغيب عنه الموضوعية في التحقق فيسعى إلى إرضاء رغبته سواء
بإدراك منه أم لا.



